فجعل يسأله عن ذلك الكتاب فما زاد ولا نقص ولا قدم ولا أخر, وتقدم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما نحو ذلك, وهذا يدل على أن المشهورين بالحفظ من الصحابة كانوا يروون الأحاديث بالنص لا بالمعنى. وأما غيرهم فالظاهر أنهم كانوا كذلك لأنهم كانوا يتحرون ضبط ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم ما أمكنهم, وقد يقع لبعضهم تقديم وتأخير أو إبدال الكلمة بمرادفها ونحو ذلك وهذا لا يضر.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (٣٣) ما نصه
علماء الحديث تساهلوا في السند ويعترفون بحريتهم في ذلك أخرج البيهقي في المدخل قول ابن مهدي إذا روينا عن رسول الله - ص - في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال وإذا روينا في الفضائل والثواب والعقاب تساهلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال, وممن جوز التساهل في رواية الحديث إذا كان في فضائل الأعمال أحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك, وقال الحاكم أبا زكريا العنبري يقول, الخبر إذا لم يحرم حلالاً ولم يحل حراماً ولم يوجب حكما في ترغيب أو ترهيب, وقال من أحاديث الفضائل ما لا يحتاج منها إلى من يحتج به, وقال أحاديث الفضائل تسامح العلماء قديما في روايتها ولم ينتقدوا فيها كانتقادهم في أحاديث الأحكام (ص ٤٥ جـ١ جامع بيان العلم) , وابتغاء مرضات الله نقول أليس ما ورد في الأحكام وبيان الثواب والعقاب مما تساهلوا فيه أو تشددوا في سنده منسوب كله إلى النبي - ص - وما ينسب إليه يعتبر تشريعاً لله صاحب التشريع المحكم, وما دام الأمر كذلك فكيف يستهان بما ينسب إلى رسول الله بتلك الصورة من علماء وحراس الحديث النبوي الشريف, وهل هذه هي الأمانة المطلوبة منهم, وهل يرضى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك التصرف في سنته وهو الذي يعترض على البراء بن عازب عندما غير البراء لفظ نبيك بلفظ رسولك وقتما كان يعلمه النبي - ص - يقوله عندما يأوي إلى فراشه.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال إن المؤلف نقل الكلام الذي في أول هذا الفصل من كتاب أبي رية وقد تصرف فيه تصرفاً سيئاً فاختصر ما نقله عن الحاكم اختصاراً أخل به وأضاف الكلام الذي بعده إلى رواية الحاكم وليس