عنه وهو متكئ على أريكته فيقول ما وجدنا في كتاب الله عملنا به وإلا فلا» وقد تقدم هذا الحديث وأحاديث في معناه في الفصل الثالث في أول الكتاب فلتراجع (١) وأما قوله وعلينا أن نشير بسهم الإشارة لأستاذ المخرجين البخاري الذي لا يؤثر في كثرة الصحيح عنده ما نستبعده من أحاديث تخالف القرآن الكريم ونحن على يقين من أن ذلك لا يغضبه لأنه لا يحب أن يسئل يوم القيامة عن كلام يخالف كلام الله.
فجوابه من وجهين أحدهما أن يقال ليس البخاري أستاذاً لأحد من المخرجين سوى الترمذي. وقد روى عنه مسلم في غير الصحيح. وروى عنه النسائي حديثا واحداً, وكثير من المخرجين كانوا من أقران البخاري وبعضهم من شيوخه وبعضهم من شيوخ شيوخه وبعضهم كانوا بعد زمانه وعلى هذا فلا يصح أن يقال إن البخاري أستاذ للجميع وإنما يصح أن يقال إنه مقدم على الذين اعتنوا بجمع الأحاديث الصحيحة.
الوجه الثاني أن يقال ليس في صحيح البخاري ما يخالف القرآن بوجه من الوجوه, واستبعاد المؤلف لبعض الأحاديث التي في صحيح البخاري لا يؤثر فيها بشيء وإنما يؤثر في المؤلف ويدل على غباوته وكثافة جهله بالأحاديث الصحيحة, ومن المطابق للمؤلف في تهجمه على صحيح البخاري قول الأعشى.
كناطح صخرة يوما ليوهيها ... فلم يضره وأوهى قرنه الوعل
وأما قوله ونحن على يقين من أن ذلك لا يغضبه. فجوابه من وجهين أحدهما أن يقال من أين للمؤلف على أن يعلم يقيناً أن تهجمه على صحيح البخاري لا يغضب البخاري (أعنده علم الغيب فهو يرى). وما ادعاه من اليقين فهو في الحقيقة ظن كاذب وليس يقيناً صادقاً وقد قال الله تعالى (وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) وفي الحديث الصحيح «الظن أكذب الحديث» رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الوجه الثاني أن يقال إن تهجم المؤلف على صحيح البخاري ليس بالأمر الهين, ولا أظن أن أحداً من المسلمين يرضى بصنيع المؤلف فضلاً عن أن يرضى بذلك البخاري لو كان حياً. وكيف لا يغضب المؤمنون عامة والبخاري خاصة من الاستهانة