بكتاب قد تلقته الأمة بالقبول واتفق العلماء المعتد بأقوالهم على أنه أصح الكتب بعد القرآن. وكيف لا يغضب المؤمنون عامة من اطراح أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكذيب ما ثبت عنه من المعجزات وخوارق العادات وتسميتها قصصا خيالية وخوارق خرافية. وكيف لا يغضب البخاري والمؤمنون الذين يعرفون عظم قدر البخاري من محاولة الحط من قدره وإلحاقه بالأغبياء المغفلين الذين تروج عليهم دسائس الكذابين. وكيف لا يغضب المؤمنون عامة من الطعن في بعض الصحابة والتابعين ورميهم بالدس على الإسلام.
ولا شك أن المؤلف قد تعرض لغضب الله تعالى لأنه قد بالغ في إساءة الأدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بعض الصحابة رضي الله عنهم وعلى الثقات الأثبات من رجال الأحاديث من التابعين ومن بعدهم وعلى الذين ألفوا الصحاح والسنن المسانيد فالله يجازيه على أفعاله السيئة بعدله.
وأما قوله لأنه لا يحب أن يسئل يوم القيامة عن كلام يخالف كلام الله.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال ليس في صحيح البخاري ما يخالف كلام الله بوجه من الوجوه, وقد تقدم بيان ذلك في عدة مواضع. وما زعمه المؤلف من مخالفة ما فيه لكلام الله تعالى فهو كذب وبهتان.
الوجه الثاني أن يقال على سبيل الفرض والتقدير لو كان في صحيح البخاري أحاديث كثيرة تخالف كلام الله لما كان عمل المؤلف في معارضتها ورفضها نافعا للبخاري في معاده ومانعا من سؤاله عما خرجه في كتابه قال الله تعالى (كل امرئ بما كسب رهين) وقال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة). ولو أن المؤلف حاسب نفسه على عمله في معارضة الأحاديث الصحيحة ورفضها وخاف من السؤال عن ذلك يوم القيامة لكان خيراً له.
الوجه الثالث أن يقال أن البخاري رحمه الله تعالى قد اعتنى بجمع الأحاديث الصحيحة وحفظها على الأمة فصار كتابه نوراً يستضيء به المؤمنون. وقد جاء في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والنضارة لمن حفظ أحاديثه وبلغها, وقد تقدم ذكرها, والبخاري من الذين ترجى لهم الرحمة والنضارة والدرجة العالية في الدار الآخرة. وأما المؤلف فيخشى عليه من العذاب الشديد على