وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما أخبرنا بما يكون في أمته إلى يوم القيامة وعاه من وعاه ونسيه من نسيه» رواه الإِمام أحمد والطبراني قال الهيثمي ورجال أحمد رجال الصحيح غير عمر بن إبراهيم بن محمد وقد وثقه ابن حبان, وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس الصلاة جامعة قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول «ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم» فناداه رجل نعجب منهم يا رسول الله قال «أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإِن الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء» رواه الإِمام أحمد قال ابن كثير وإسناده حسن ولم يخرجوه.
وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على كلام ابن خلدون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا من بدء الخلق إلى قيام الساعة إلا ذكره لأمته, فأي حاجة بهم مع بيان النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤال أهل الكتاب والاستفادة منهم.
وقد جاء في القرآن العظيم من الأخبار عن بدء الخلق وعن أسباب الكون وأسرار الوجود وعن الماضين من الأنبياء وأممهم وعن زوال الدنيا وفنائها وما يكون بعد قيام الساعة وعن مآل الخلق يوم القيامة ما فيه غنية عما سواه من الكتب, وفيه أبلغ رد على كلام ابن خلدون.
وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإِنهم لن يهدوكم وقد ضلوا إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل وإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا وفي قلبه تالية تدعوه إلى دينه كتالية المال» رواه ابن جرير.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما «كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل إليكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرءونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا, ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم» رواه البخاري.
المأخذ الثالث ذكره عبد الله بن سلام رضي الله عنه مع كعب الأحبار