وقد ورد التشديد في تكفير المسلم وذكره بما ليس فيه. وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك في الفصل الذي قبل هذا الفصل, وفي الصحيحين وغيرهما عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لعن المؤمن كقتله».
فصل
وقال المؤلف في صفحة (٥٣) ما نصه
من مكر كعب الأحبار وكيده للإِسلام, في موطأ مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب لما أراد الخروج إلى العراق قال له كعب الأحبار لا تخرج يا أمير المؤمنين فإِن بها تسعة أعشار السحر فسقة الجن وبها الداء العضال.
والجواب أن يقال ليس في تحذير كعب الأحبار لعمر رضي الله عنه عن الخروج إلى العراق شيء من المكر للإِسلام كما زعم ذلك المؤلف تبعا لإِمامه في الضلال أبي رية, وإنما ذلك من النصيحة الواجبة للمسلم على المسلم. وقد ظهر مصداق قول كعب بما ظهر في العراق من الفتن والبدع والأهواء المضلة, وقد كان قتل عثمان رضي الله عنه على أيدي أهل العراق ومن مالألهم من أهل مصر, وبقتله انفتح باب الفتن إلى يوم القيامة, وكان في العراق أيضاً وقعة الجمل ووقعه صفين وهما من أعظم الفتن, وكان مقتل الحسين بن علي الله عنهما وأصحابه في العراق وكانت فيه فتنة المختار وفتنة الحجاج وغير ذلك من الفتن العظيمة. وكانت فتنة بني العباس ودعاتهم في العراق وخراسان, وكذلك فتن البدع والأهواء فكلها ظهرت أو ما ظهرت بأرض العراق كفتنة الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية ثم انتشرت بعد ذلك في جميع الأقطار. وآخر ذلك فتنة المسيح الدجال وهي أعظم فتنة تكون على وجه الأرض, وقد جاء في بعض الأحاديث أنه يخرج من العراق, وحيث كانت العراق بهذه الصفة فالتحذير من الخروج إليها من أعظم النصيحة.
وقد جاء في الأحاديث الصحيحة ما يؤيد قول كعب الأحبار كما في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «رأس الكفر نحو المشرق».
وروى الإِمام أحمد والبخاري ومسلم أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه