إليهم بما يحبونه من الطعن في الأحاديث الصحيحة والتشكيك فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا عبرة بهؤلاء وأمثالهم لأنهم قد شذوا عن جماعة المسلمين وخالفوا إجماع العلماء, فأما أهل السنة والجماعة فإِنهم لم يزالوا على تعظيم الصحيحين والعمل بأحاديثهما وبكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في غيرهما من كتب الصحاح والسنن والمسانيد فلله الحمد لا نحصي ثناءا عليه, والله المسئول أن يهدي ضال المسلمين ويثبت مطيعهم.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (٣٢) ما نصه
دليل يثبت استغناء النبي - ص - بالقرآن عن التحدث بغيره
ثبت أن النبي - ص - قال في حديثه الصحيح القوي «بعثت بجوامع الكلم ما من نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تبعاً يوم القيامة» وفي هذا يقول ابن حجر العسقلاني إن معنى الحصر في قوله «إنما كان الذي أوتيته» أن القرآن أعظم المعجزات وأفيدها وأدومها لاشتماله على الدعوة والحجة ودوام الانتفاع إلى آخر الدهر وكأن ما عاداه بالنسبة إليه لم يقع (ص ٢١٠ - ٢١١ جـ ١٣ فتح الباري).
والجواب عن هذا من جوه أحدها أن يقال إن المؤلف قد أبدى وأعاد وبذل جهده في الطعن في الأحاديث الصحيحة من أجل الرواية بالمعنى وما يقع فيها من التغيير في بعض الألفاظ وزيادة بعض الحروف أو نقصها, وها هو ذا قد وقع فيما هو أشد مما أنكره.
فهذا الحديث الذي ذكره ليس بحديث واحد وإنما جمعه من حديثين ولم يفرق بينهما, وهذا خطأ كبير. وهذان الحديثان قد ذكرهما البخاري في أول كتاب الاعتصام من صحيحه. فأما الحديث الأول فهو عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي».
وأما الحديث الثاني فهو عن سعيد وهو ابن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي