من الآيات ما مثله أومن - أو آمن - عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجوا أني أكثرهم تابعاً يوم القيامة» وقد أسقط منه المؤلف قوله «أومن» و «أو» بعدها, وغير قوله «تابعاً» بقوله تبعاً. وقد نقص من كلام ابن حجر وغير فيه فقال «وكأن ما عاداه بالنسبة إليه لم يقع» والذي في كلام ابن حجر بعد قوله «ودوام الانتفاع به إلى آخر الدهر, فلما كان لا شيء يقاربه فضلاً عن أن يساويه كان ما عداه بالنسبة إليه كأن لم يقع» وقد غير قول ابن حجر «ما عداه» بقوله «ما عاداه» ولم يفهم الفرق بين الحرفين, وهذا التغيير يحيل المعنى فإِن «ما عداه» فعل يستثنى به في الكلام مثل خلا وسوى, قال ابن منظور في لسان العرب ورأيتهم عدا أخاك وما عدا أخاك أي ما خلا. وقد يخفض بها دون ما قال الجوهري وعدا فعل يستثنى به مع ما وبغير ما تقول جاءني القوم ما عدا زيداً وجاءوني عدا زيداً تنصب ما بعدها بها والفاعل مضمر فيها, قال الأزهري من حروف الاستثناء قولهم ما رأيت أحداً ما عدا زيداً كقولك ما خلا زيداً وتنصب زيداً في هذين فإِذا أخرجت ما خفضت ونصبت فقلت ما رأيت أحداً عدا زيداً وعدا زيد وخلا زيداً وخلا زيد فالنصب بمعنى إلا والخفض بمعنى سوى انتهى.
وأما عاداه فهو من العداوة يقال عاداه معاداة وعداء ويقال فلان يعادي بني فلان قال الله تعالى (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة).
وإذا كان المؤلف قد بلغ به الجهل وسوء التصرف في حديث واحد وشرحه إلى هذا الحد الذي ذكرناه عنه فما باله يحمل على الأحاديث الصحيحة ورواتها ويكثر الطعن فيها وفيهم من أجل الرواية بالمعنى فهلا بدأ بنفسه فنقل الأحاديث على ما هي عليه حرفاً حرفاً ولم يغير فيها. وكذلك إذا نقل كلام أحد من العلماء فينبغي أن ينقله على ما هو عليه ولا يغير فيه وقد قيل:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
الوجه الثاني أن يقال إن المؤلف قد أكثر الطعن في أبي هريرة رضي الله عنه تمهيداً لما أقدم عليه من الطعن في جملة من أحاديثه التي رواها البخاري في صحيحه وهي مما يخالف رأي المؤلف وآراء شيوخه وشيوخهم من الإِفرنج ومن يقلدهم من العصريين. وأما في هذا الموضع فقد جزم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه البخاري في صحيحه بأنه صحيح قوي, وإنما جزم بصحته وقوته لأنه ظن أنه