قلت وإنما حصبه ابن عمر رضي الله عنهما لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي فأنكر عليه ذلك وحصبه.
وأما حديث جابر رضي الله عنه فرواه ابن ماجه والدارقطني في سننيهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإِنه لا يدري أين باتت يده ولا على ما وضعها» قال الدارقطني إسناده حسن.
وأما حديث عائشة فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده قال حدثنا ابن أبي ذئب حدثني من سمع أبا سلمة يحدث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من استيقظ من منامه فلا يغمس يده في طهوره حتى يفرغ على يده ثلاث غرفات ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك حتى يفرغ على يده ثلاثاً».
الوجه الثالث أن يقال قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفرغ على يديه فيغسلهما ثلاث قبل الوضوء, رواه الإِمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه. ورواه الإِمام أحمد أيضا وأهل السنن من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ورواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأهل السنن من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه, وقد قال الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) ومن لم يتأس بالرسول صلى الله عليه وسلم فليس بمؤمن, ومن عارض الأحاديث الصحيحة برأيه أو رأي غيره فهو على شفا هلكة.
وأما قوله ولما سمع الزبير بن العوام أحاديثه قال صدق كذب (١٠٩ جـ البداية والنهاية).
فجوابه أن يقال قد تقدم الحديث بذلك قريباً (١) وفيه أن عروة قال لأبيه يا أبت ما قولك صدق كذب قال يا بني أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك ولكن منها ما يضعه على مواضعه ومنها ما وضعه على غير مواضعه.