والبخاري ومسلم وأهل السنن الأربعة وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاثا فإِنه لا يدري أين باتت يده» قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح, قال وفي الباب عن ابن عمر وجابر وعائشة, وفي بعض الروايات لأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليفرغ على يديه من إنائه ثلاث مرات فإِنه لا يدري أين باتت يده» ورواه مسلم بنحوه, ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بنحو ذلك إلا أنهم قالوا «حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا» وزاد أحمد في روايته الأخيرة فقال قيس الأشجعي يا أبا هريرة فكيف إذا جاء مهراسكم قال أعوذ بالله من شرك يا قيس, وقد رواه البيهقي في سننه وقال فقال له قيس الأشجعي فإِذا جئنا مهراسكم هذا فكيف نصنع به فقال أبو هريرة رضي الله عنه أعوذ بالله من شرك.
قلت وإنما تعوذ أبو هريرة رضي الله عنه من شره لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي فأنكر عليه ذلك وتعوذ بالله من شره. وقد قال النووي في شرح مسلم قال أصحابنا وإذا كان الماء في إناء كبير أو صخرة بحيث لا يمكن الصب منه وليس معه إناء صغير يغترف به فطريقه أن يأخذ الماء بفمه ثم يغسل به كفيه أو يأخذ بطرف ثوبه النظيف أو يستعين بغيره انتهى.
الوجه الرابع أن يقال إن أبا هريرة رضي الله عنه لم ينفرد برواية هذا الحديث بل قد رواه ابن عمر وجابر وعائشة رضي الله عنهم وقد ذكر ذلك الترمذي تعليقا كما تقدم ذكره.
فأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فرواه ابن ماجه في سننه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإِناء حتى يغسلها» إسناده صحيح على شرط مسلم, وقد رواه الدارقطني في سننه بإِسناد صحيح على شرط مسلم ولفظه «إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإِنه لا يدري أين باتت يده منه أو أين طافت يده» فقال له رجل أرأيت إن كان حوضا فحصبه ابن عمر وقال أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أرأيت إن كان حوضاً, قال الدارقطني إسناده حسن, وقد رواه البيهقي في سننه من طريق الدارقطني فذكره بمثله.