أن علماء الحديث قد تكلموا في أبي هريرة رضي الله عنه, وإنما أراد المؤلف وأبو رية بعض العصريين مثل صاحب المنار وأشباهه من ذوي الجراءة على رد بعض الأحاديث الصحيحة إذا كانت مخالفة لآرائهم أو آراء من يعظمونهم من مشايخهم وغير مشايخهم, وهؤلاء ليسوا من علماء الحديث فلا يعتمد على أقوالهم في الجرح والتعديل ولا يلتفت إلى كلامهم في أبي هريرة وعبد الله بن سلام رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة. ولا في كعب الأحبار ووهب بن منبه وغيرهما من ثقات التابعين.
وأما ما نقله المؤلف تبعاً لأبي رية عن رشيد رضا أنه قال لو طالت حياة عمر حتى مات أبو هريرة ما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة.
فجوابه أن يقال قد أجاب عن ذلك العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في كتابه «الأنوار الكاشفة» فقال «وما يدريك لعل عمر لو طال عمره حتى استحر الموت بحملة العلم من الصحابة لأمر أبا هريرة وغيره بالإِكثار وحث عليه, وحفظ الله تبارك وتعالى لشريعته وتدبيره بمقتضى حكمته فوق عمر وفوق رأي عمر في حياة عمر وبعد موت عمر».
وقال المعلمي أيضاً «وبعد فإِن الإِسلام لم يمت بموت عمر, وإجماع الصحابة بعده على إقرار أبي هريرة على الإِكثار مع ثناء جماعة منهم عليه وسماع كثير منهم منه وروايتهم عنه يدل على بطلان المحكي عن عمر من منعه بل لو ثبت المنع ثبوتا لا مدفع له لدل إجماعهم على أن المنع كان على وجه مخصوص أو لسبب عارض أو استحساناً محضاً لا يستند إلى حجة ملزمة, وعلى فرض اختلاف الرأي فإجماعهم بعد عمر أولى بالحق من رأي عمر» انتهى.
وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه أذن لأبي هريرة رضي الله عنه في التحديث, قال ابن كثير في «البداية والنهاية» قال مسدد حدثنا خالد الطحان حدثني يحيى بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بلغ عمر رضي الله عنه حديثي فأرسل إلي فقال كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فلان قال قلت نعم وقد علمت لم تسألني عن ذلك قال ولم سألتك قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» قال أما إذا فاذهب فحدث