يحتمل غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة وبذلك خرجت من القراءات الصحيحة تلك التغييرات التي كان يترخص بها بعض الناس.
وإذا علم هذا فهل يقول المؤلف أن قراءة الصحابة بالأحرف السبعة تناقض صريح, وكذلك ما يذكر في كتب التفاسير عن القراء المشهورين من الاختلاف في بعض الكلمات هل يقول المؤلف أن ذلك تناقض صريح كما زعم ذلك في الأحاديث الصحيحة. أم ماذا يجيب به عن تهوره في رمي الأحاديث الصحيحة بالتناقض الصريح من أجل الاختلاف في بعض الألفاظ أو البسط في بعض الروايات والاختصار في بعضها.
وقد جاء اختلاف اللفظ في قصص الأنبياء في القرآن وكذلك البسط في قصصهم في بعض المواضع والاختصار في مواضع أخر, فهل يقول المؤلف أن ذلك تناقض صريح أم لا. فإِن قال بالتناقض في القرآن كما قال ذلك في الأحاديث الصحيحة فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه وحل دمه وماله, وإن نفى التناقض عن القرآن لزمه أن ينفيه عن الأحاديث الصحيحة, وإن لم يفعل كان من الذين يفرقون بين الله ورسله وقد قال الله تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً, أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً).
وقد ذكرت في أول الكتاب عن إسحاق بن راهويه وأبي محمد البربهاري أنهما قالا بتكفير من رد الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم, فليراجع (١) ذلك في الفصل الأول.
وأما قوله إلا أن يكون أمر الحديث وموضوعه كان يؤخذ بغير عناية ولا التفات إلى ما يترتب على ذلك وأنه جاءنا من طرق الوضع والدس لغرض واحد هو التضليل ولهذا أفرغه الوضاعون في عدة روايات متباينة في الألفاظ حتى يموهوا على المسلمين وحتى يظل باب الدس مفتوحاً أمامهم دون أن تغلقه عقول المؤمنين.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعتنون