يوهمه ظاهر كلام المؤلف. وإنما الأمر في ذلك بالعكس وهو أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يرى التوقف في أخبار أهل الكتاب لأنها تحتمل الصدق والكذب ولهذا عقب ذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا (آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)».
وأما قوله ومعروف أنه لو كان يعرف العبرانية لقال وكنت من الذين يفسرون التوراة.
فجوابه أن يقال لم يكن أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن التوراة وإنما كان يحدث بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء توافق ما في التوراة فإِذا حدث بها أبو هريرة رضي الله عنه أو غيره من الصحابة رضي الله عنهم لم يكن محدثا عن التوراة كما لا يخفى على عاقل.
ولا يخفى أيضاً ما في كلام المؤلف من التجني على أبي هريرة رضي الله عنه وإلصاق العيوب به مع أنه كان بريئا منها فالله يجازيه على ذلك بعدله.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (٦١) ما نصه
اتفاق أبو هريرة وكعب في خرافة الشمس والقمر, روى البزار عن أبي هريرة أن النبي - ص - قال إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة فقال الحسن وما ذنبهما فقال أحدثك عن رسول الله وتقول ما ذنبهما, وهذا الكلام نفسه قاله كعب الأحبار بنصه فقد روى أبو يعلى الموصلي قال كعب الأحبار يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في جهنم يراهما من عبدهما (ص ٢٢٢ حياة الحيوان).
والجواب أن يقال أما قوله «اتفاق أبو هريرة» فصوابه «اتفاق أبي هريرة» وأما قوله في خرافة الشمس والقمر.
فجوابه أن يقال إن المخرف في الحقيقة من يرد الأحاديث الصحيحة بغير حجة قاطعة, ولا شك أن المؤلف وأبا رية أولى بوصف التخريف لما في كلامهما من الجراءة على نبذ الأحاديث الصحيحة واطراحها بأساليب من الهوس, فكلامهما في رد الأحاديث الصحيحة يشبه كلام المخرفين الذين يتكلمون من غير شعور.