وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد رواه البزار عن إبراهيم بن زياد البغدادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبد العزيز بن المختار عن عبد الله الداناج قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن زمن خالد بن عبد الله القسري في هذا المسجد مسجد الكوفة وجاء الحسن فجلس إليه فحدث قال حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الشمس والقمر ثوران في النار عقيران يوم القيامة» فقال الحسن وما ذنبهما, فقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول وما ذنبهما إسناده صحيح على شرط مسلم, وقد أسقط أبو رية قوله «عقيران» وجعل المراجعة بين الحسن وأبي هريرة رضي الله عنه والذي في الحديث أنها بين الحسن وأبي سلمة بن عبد الرحمن, وقد تبع المؤلف أبا رية على خطئه.
وقد أخرج الإِسماعيلي هذا الحديث بمثله وقال «في مسجد البصرة» ولم يقل خالد القسري, ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري, قال وأخرجه الخطابي من طريق يونس بهذا الإِسناد فقال في زمن خالد بن عبد الله - أي ابن أسيد بفتح الهمزة - وهو أصح فإِن خالداً هذا كان قد ولي البصرة لعبد الملك قبل الحجاج بخلاف خالد القسري انتهى.
وقد رواه البخاري في صحيحه مختصرا فقال في «باب صفة الشمس والقمر» من «كتاب بدء الخلق» حدثنا مسدد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله الداناج قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الشمس والقمر مكوران يوم القيامة».
وهذا الحديث يجب الإِيمان به لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجب إمراره كما جاء, وهذا مقتضى جواب أبي سلمة للحسن, قال العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في رده على أبي رية, وقول الحسن لأبي سلمة «وما ذنبهما» يمثل حال أهل العراق في استعجال النظر فيما يشكل عليهم, وجواب أبي سلمة يمثل حال علماء الحجاز في التزام ما يقضي به كمال الإِيمان من المسارعة إلى القبول والتسليم ثم يكون النظر بعد, وجوابه وسكوت الحسن يبين مقدار كمال الوثوق من علماء التابعين بأبي هريرة وثقته وإتقانه وأن ما يحكى مما يخالف ذلك إنما هو من اختلاق أهل البدع, وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف من كبار أئمة التابعين بالمدينة مكثر الرواية عن الصحابة كأبي قتادة وأبي الدرداء وعائشة وأم سلمة وابن عمر وأبي هريرة, فهو