على ما معك. وفي رواية رابعة قد ملكتكها بما معك من القرآن. وفي رواية خامسة أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها. وفي رواية سادسة أنكحناكها. وفي رواية سابعة خذها بما معك, فهذه اختلافات سبعة في موضوع ولفظ واحد, فهل يعقل أن يكون النبي - ص - كررها على هذا النحو أم أن ذلك دليل على نشاط وفاعلية الدس عليه بسبب فتنة المسلمين ببعضهم, مع أن اليقين بأن القرآن لا يصلح صداقاً ولا يصلح تأهيلاً للزواج, وذلك أصدق الأدلة على براءة النبي - ص - من هذا الحديث برواياته السبعة, إذ أن الزوج علاقة تقوم على كفاءة مادية يملكها الزوج حتى يعول بها زوجته وأبناءه. وحفظ القرآن بغير قدرة مالية لا يصلح نفقة إلا إذا باعه الزوج بلقيمات من العيش الرخيص وذلك حرام.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال إن جميع الروايات في حديث الواهبة نفسها معناها واحد وإن اختلفت الألفاظ في أداة التزويج, وحاصلها هو تزويج الرجل على أن يعلم المرأة مما معه من القرآن ويكون ذلك صداقها, وليس في اختلاف الألفاظ على أداة التزويج ما يغير معنى الحديث ولا ما يترتب عليه مفسدة.
الوجه الثاني أن يقال إن الطعن في حديث الواهبة نفسها من أجل اختلاف الألفاظ في أداة التزويج لا شك أنه من التنطع والتشدق الذي لا يصدر إلا من رجل في قلبه زيغ ومحبة للفتنة وتشكيك المسلمين في الأحاديث الصحيحة التي لا شك في ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث أن يقال إن الرواية بالمعنى جائزة وقد روي ذلك عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم, قال الدارمي في سننه «باب من رخص في الحديث إذا أصاب المعنى» ثم روى عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال «إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم» وروى أيضا عن الحسن أنه كان إذا حدث قدم وأخر. وروى أيضا عن جرير بن حازم قال كان الحسن يحدث بالحديث الأصل واحد والكلام مختلف, وروى أيضا عن ابن عون قال كان الشعبي والنخعي والحسن يحدثون بالحديث مرة هكذا ومرة هكذا فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين فقال أما إنهم لو حدثوا به كما سمعوا كان خيراً لهم.
وقال الخطيب البغدادي في كتابه «الكفاية في علم الرواية» «باب ذكر من