الروايات الثمانية) وصوابه (وبعد ذلك تأتي الروايات الثمان).
الوجه الثاني أن يقال ليس كل الأحاديث النبوية يروى بالمعنى كما زعم ذلك المؤلف, بل منها ما يروى بالنص ومنها ما يروى بالمعنى. ولا شك أن الرواية بالنص أولى من الرواية بالمعنى, والرواية بالمعنى جائزة كما تقدم تقريره.
الوجه الثالث أن المؤلف ادعى أن له الحق على أن الحديث النبوي كان يروى بالمعنى وليس بالنص, ولم يأت ببينة على ما ادعاه سوى الظن والتخرص, وقد قال الله تعالى (وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً) وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إياكم والظن فإِن الظن أكذب الحديث» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الوجه الرابع أن يقال إن الزيادة في بعض الروايات والنقص في بعضها لها أسباب كثيرة وأهمها شيئان أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض الأحيان يكرر الحديث على أصحابه مراراً في المجلس أو في مجالس متعددة وربما قال في بعض المجالس ما لم يقل في غيره فيسمعه من لم يسمع ما قال في غير ذلك المجلس فيحدث هذا بما سمع ويحدث الآخر بما سمع في المجلس الآخر وتختلف رواياتهم بحسب ما سمعه كل منهم وحفظه.
الثاني قوة الحفظ في بعض الرواة وضعفها في بعضهم فبعضهم يحفظ كل ما سمعه وبعضهم يحفظ البعض وينسى البعض فيحدث هذا بما حفظه ويحدث الآخر بما حفظه. ومن حدث بما حفظه ولو غير تام فقد أدى ما يجب عليه قال الله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
وأما قول المؤلف في الكلمة الأولى مَنْ مِنَ المسلمين العقلاء يصدق أن تكون هذه الروايات كلها صحيحة وهي ثمان روايات مختلفة وواردة بهذا الاختلاف في صحيح البخاري.
فجوابه أن يقال كل علماء المسلمين يصدقون بصحة ما رواه البخاري في صحيحه ويقبلون كل ما فيه من الأحاديث المتصلة. وقد ذكر النووي في شرح مسلم اتفاق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم, قال وتلقتهما الأمة بالقبول.