ونقل النووي عن الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح أنه قال جميع ما حكم مسلم بصحته فهو مقطوع به والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر. وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإِجماع.
ونقل النووي أيضا عن إمام الحرمين أنه قال لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإِجماع علماء المسلمين على صحتهما.
وذكر ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية» أن العلماء أجمعوا على قبول صحيح البخاري وصحة ما فيه, وكذلك سائر أهل الإِسلام.
وفيما قاله هؤلاء الأئمة الأعلام أبلغ رد على المؤلف الذي قد حاد الله ورسوله وخالف إجماع المسلمين واتبع غير سبيل المؤمنين, وعلى أشباهه من تلامذة المستشرقين ومقلديهم الذين هم أعدى عدو للسنة وأهلها.
وإذا علم هذا فنقول من لم يصدق بما رواه الشيخان في صحيحيهما أو رواه أحدهما فليس من العقلاء ولا كرامة له ولا نعمة عين.
وأما قوله فأي معنى وأي حقيقة تكون وراء ذلك التناقض الصريح في كلام ينسب لرسول الله ويأتينا في أصح موارد الحديث.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال ليس بين رواية أبي جحيفة رضي الله عنه لما كان في صحيفة علي رضي الله عنه وبين رواية التيمي شيء من التناقض, وما كان من الزيادة في رواية التيمي لا يناقض رواية أبي جحيفة لأن أبا جحيفة روى طرفا مما في الصحيفة وروى التيمي أكثر منه, وسيأتي ذكر رواية أبي جحيفة ورواية التيمي عن أبيه وعن الحارث بن سويد وروايات أبي حسان الأعرج وأبي الطفيل وطارق بن شهاب, وفي كل رواية من الزيادة ما ليس في غيرها, والسبب في ذلك تفاوت الرواة في الحفظ فكل منهم نقل ما حفظه مما كان في الصحيفة, وكل رواياتهم صحيحة لا مطعن في شيء منها بوجه من الوجوه, وقد توهم المؤلف أن الزيادة في بعض الروايات والاختصار في بعضها يكون من التناقض الصريح, وهذا من غباوته وكثافة جهله, وما رأيت أحداً سبقه إلى هذا القول الباطل والرأي الفاسد, وإنه لينطبق على المؤلف قول الشاعر: