والكذب, وقد ثبت عن معاوية رضي الله عنه أنه ذكر كعب الأحبار فقال إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب, رواه البخاري وثبت عن ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما أنهما كذبا كعباً في قوله إن السموات تدور على منكب ملك, وثبت عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه كذب كعباً حين قال إن ساعة الإِجابة في يوم الجمعة يوم في كل سنة ثم صدقه لما رجع إلى الصواب وقال إنها في كل جمعة, فهذا هو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم في حق كعب الأحبار. وقد تقدم أن المراد بالكذب ههنا الخطأ في النقل عن أهل الكتاب وليس المراد به افتراء الكذب. والخطأ في النقل يحتمل أن يكون من كعب ويحتمل أن يكون من الكتب التي ينقل منها.
الوجه الثاني أن يقال لم يثبت عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما كذبا كعب الأحبار, وما ذكره المؤلف عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما أخص من كذب كعبا فهو من كيسه وافترائه على عمر وعلي رضي الله عنهما. وقد تقدم ما رواه مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه أمر كعبا أن يحكم معه في جزاء الصيد, ولو كان كذاباً لما رضي عمر رضي الله عنه بحكمه في جزاء الصيد الذي لا يحكم فيه إلا العدول المرضيون.
وأما قوله وقد نهى عمر كعباً عن الحديث وتوعده بالنفي إلى بلاده وقال له لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة, وكان علي يقول إنه لكذاب (ص ١٠٦ جـ ٨ من البداية والنهاية).
فجوابه من وجهين أحدهما أن يقال قد ذكر ابن كثير هذا الأثر في البداية والنهاية ولفظه. قال أبو زرعة الدمشقي حدثني محمد بن زرعة الرعيني حدثنا مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله عن السائب بن يزيد قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي هريرة لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس وقال لكعب الأحبار لتتركن الحديث عن الأول أو لألحقنك بأرض القردة, قال أبو زرعة وسمعت أبا مسهر يذكره عن سعيد بن عبد العزيز نحواً منه ولم يسنده انتهى, وقد أسقط أبو رية قوله «عن الأول» ليوهم من لا بصيرة لهم أن عمر رضي الله عنه نهى كعباً عن الحديث نهياً مطلقا يشمل الحديث عن الأول ويشمل الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه