المؤنث ثم يتصدى للاعتراض على إمام المحدثين ومقدمهم في معرفة الحديث والتمييز بين الصحيح والضعيف والموضوع, ويتصدى أيضا للطعن في بعض أحاديث الجامع الصحيح الذي هو أصح الكتب بعد القرآن ويحكم عليه بالوضع, وليس أهلا للحكم في الأشياء التافهة فضلا عن الحكم على الأحاديث الصحيحة بالوضع وإِنه لينطبق على المؤلف قول الشاعر.
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
وهل يظن الجاهل الأحمق أنه قد نال من العلم ما لم ينله البخاري وأمثاله من الأئمة النقاد حتى يتصدى للطعن فيه وفي صحيحه, أو يظن أن الأئمة النقاد من أقران البخاري ومن بعدهم يعرضون عن الطعن في البخاري أو في صحيحه لو وجدوا فيهما موضعاً للطعن.
وقد روى الإِمام أحمد بإِسناد صحيح عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» ورواه أيضاً من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما وإسناده صحيح.
وهذا الحديث ينطبق على المؤلف لأنه قد انتزع منه الحياء الذي يمنع الإِنسان من تجاوز الحد وارتكاب ما لا يليق. ولما لم يكن عند المؤلف شيء من الحياء تطاول على الإِمام البخاري وتصدى للاعتراض عليه والقدح في صحيحه وجعل يهرف بما لا يعرف ولم يبال من ضحك العقلاء من حمقه وسخفه وغروره, ولقد أحسن الشاعر - وهو قيس بن الخطيم حيث يقول: -
وداء الجسم ملتمس شفاه ... وداء النوك ليس له دواء
النوك بالضم الحمق.
الوجه الثاني أن يقال إن صحيفة علي رضي الله عنه ليست في موضوع واحد كما زعمه المؤلف وإنما هي مشتملة على أكثر من عشرين حكماً, روى البخاري منها اثني عشر, ثلاثة منها في حديث أبي جحيفة وتسعة في حديث التيمي. ومنها واحد في رواية أحمد ومسلم والترمذي عن إبراهيم التيمي عن أبيه وباقيها في روايات أبي