وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات.
وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قال «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» فاختلفوا وكثر اللغط فقال «قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع».
وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أسمع منك الحديث ولا أحفظه فقال «استعن بيمينك» وأومأ بيده للخط, قال الترمذي ليس إسناده بذاك القائم.
وروى ابن عبد البر عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال وجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيفة مكتوب فيها «ملعون من أضل أعمى عن السبيل».
وروى الرامهرمزي عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال قلت يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها قال «اكتبوا ذلك ولا حرج» نقله السيوطي في تدريب الراوي.
وفيما ذكرته من الأحاديث دليل على الإِذن في كتابة الحديث وفي الإِذن في الكتابة دليل على جواز التدوين.
وقد أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث وهو من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ولم يخالفه أحد من التابعين ولا من بعدهم من العلماء فكان ذلك كالإِجماع على جواز التدوين.
فإِن قيل فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه».
قيل قد أجاب العلماء عن هذا الحديث بأجوبة سأذكرها فيما يلي إن شاء الله تعالى, وجمع بعضهم بين النهي عن الكتابة وبين الإِذن فيها بجمع حسن, قال ابن الأثير في جامع الأصول الجمع بين قوله «لا تكتبوا عني غير القرآن» وبين إذنه في الكتابة أن الإِذن ناسخ للمنع منه بإِجماع الأمة على جوازه ولا يجمعون إلا على أمر