للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب عن هذا من وجهين أحدهما أن يقال لا خلاف بين العلماء أن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول وأهل صدق وأمانة في روايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية بعضهم عن بعض وليس فيهم من يتهم بالكذب في الرواية ..

وأما قول المؤلف تبعا لأبي رية إن الصحابة كانوا يتفاوتون في صدق الرواية عن بعضهم فمعناه أن المؤلف وأبا رية كانا يريان أن بعض الصحابة كانوا يتصفون بالصدق في الرواية وبعضهم بخلاف ذلك. وهذا قول باطل مردود لأنه يتضمن الطعن في بعض الصحابة بأنهم ليسوا أهل صدق في الرواية. والطعن في الصحابة ليس بالأمر الهين. ومن طعن فيهم أو في بعضهم ووصفهم بعدم الصدق في الرواية فهو الكاذب الأفاك.

الوجه الثاني أن يقال إن عمر رضي الله عنه لم يتهم أبا موسى بالكذب في روايته وإنما شدد عليه لعلل ثلاث قد صرح بها في الحديث إحداها أن عمر رضي الله عنه أحب أن يتثبت. والثانية أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد, والثالثة أنه خشي أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال النووي في شرح مسلم وأما قول عمر لأبي موسى أقم عليه البينة فليس معناه رد خبر الواحد من حيث هو خبر واحد ولكن خاف عمر مسارعة الناس إلى القول على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل وأن كل من وقعت له قضية وضع فيها حديثا على النبي صلى الله عليه وسلم فأراد سد الباب خوفاً من غير أبي موسى لا شكاً في رواية أبي موسى فإِنه عند عمر أجل من أن يظن به أن يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل بل أراد زجر غيره بطريقه فإِن من دون أبي موسى إذا رأى هذه القضية أو بلغته وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضية أبي موسى فامتنع من وضع الحديث والمسارعة إلى الرواية بغير يقين انتهى.

وقد أنكر أبي بن كعب رضي الله عنه على عمر رضي الله عنه تشديده على أبي موسى رضي الله عنه كما في صحيح مسلم عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال جاء أبو موسى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال السلام

<<  <   >  >>