بالبصرة كتبته بالشام ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر فقلت يا أبا عبد الله بتمامه, فسكت.
والجواب أن يقال الذي يظهر من إيراد المؤلف لحديث ابن عمر رضي الله عنهما في حث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على سرعة السير إلى بني قريظة أنه يريد التشكيك فيه باختلاف رواية البخاري ومسلم في تعيين الصلاة التي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يصلوها إلا في بني قريظة فعند البخاري أنها العصر وعند مسلم أنها الظهر, وقد رواه كل منهما عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن مسلماً وافقه أبو يعلى وآخرون. قال وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي غسان مالك بن إسماعيل عن جويرية بلفظ الظهر. وابن حبان من طريق أبي غسان كذلك, غير أن أبا نعيم في المستخرج أخرجه من طريق أبي حفص السلمي عن جويرية فقال العصر. قال وأما أصحاب المغازي فاتفقوا على أنها العصر, ثم ذكر قول ابن إسحاق وفيه أنها العصر, قال وكذلك أخرجه الطبراني والبيهقي في الدلائل بإِسناد صحيح إلى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب وفيه أنها العصر, قال وأخرجه الطبراني من هذا الوجه موصولا بذكر كعب بن مالك فيه. قال وللبيهقي من طريق القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها نحوه مطولاً, قال وهذا كله يؤيد رواية البخاري في أنها العصر انتهى. وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ما رواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها وفيه أنها العصر ثم قال ابن كثير ولهذا الحديث طرق جيدة عن عائشة وغيرها انتهى. وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وفيه أنها العصر ثم قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن أبي الهذيل وهو ثقة انتهى.
قلت ويؤيد رواية البخاري ما جاء في حديثي كعب بن مالك وعائشة رضي الله عنهما أن طائفة من الذين ساروا إلى بني قريظة لم يصلوا حتى نزلوا بني قريظة بعد ما غربت الشمس, ولم يأت في شيء من الأخبار أنهم صلوا سوى صلاة واحدة فدل على أنها العصر, ولو كان الأمر واقعاً على صلاة الظهر لكان يلزمهم أن يصلوا صلاتين الظهر والعصر ولما لم ينقل هذا دل على أن رواية البخاري هي المطابقة للواقع.