والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال مثل الذي ينقل كلام المستشرقين في طعنهم في السنة ويرضى به كمثل الذي ذهب إلى غنم ليأخذ شاة يأكلها فوقع اختياره على كلب الغنم فأخذه وقد قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) وقال تعالى (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) وقال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية.
الوجه الثاني أن يقال ما زعمه أعداء الله تعالى من أن الرواة استباحوا لأنفسهم اختراع الأحاديث وأن الأحاديث الموضوعة المتناقضة أشد التناقض قد كثرت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إفك مفترى وزور وبهتان, فإِن الرواة الأثبات الذين خرج لهم أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد المشهورة ليسوا من الوضاعين وإنما هم أعداء الوضاعين في الحقيقة, وقد قام أكابر الأئمة منهم بتمييز الأحاديث الصحيحة من الأحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة وجدوا واجتهدوا في ذلك واعتنوا به أشد الاعتناء وبينوا أسماء الكذابين والوضاعين وتركوا الأمر واضحا جليلا لا لبس فيه فجزاهم الله عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء, وهذا مما يتجاهله المستشرقون ويتعامون عنه, وكذلك المقلدون لهم من العصريين.
الوجه الثالث أن يقال إن الله تعالى قد حفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من التناقض ومن امتزاج الأحاديث الموضوعة بها. فالأحاديث الصحيحة معروفة عند علماء المسلمين وعليها المعول عندهم والأحاديث الموضوعة معروفة عندهم وقد اجتنبوها وحذروا الناس منها, فمن زعم غير ذلك فقوله باطل مردود عليه.
الوجه الرابع أن يقال ما ألصقه المستشرقون بالسنة وأهلها فكله باطل أرادوا به التلبيس والتشكيك في دين الإِسلام وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومن الغباوة والجهل المزري بصاحبه تصديق المستشرقين في هذيانهم وأكاذيبهم على الإِسلام وأهله, ومن أقبح الغباوة والجهل أيضا زعم المؤلف تقليداً لأبي رية أن المستشرقين يعلمون من أمر المسلمين والإِسلام ما لا يعلمه كثير من أهله, والواقع في الحقيقة أن المستشرقين يخبطون خبط عشواء في كتاباتهم عن الإِسلام والمسلمين, وكثيراً ما ينكرون الحقائق ويصدقون بالأكاذيب ويعتمدون عليها, وكثير من ضعفاء