الشافعي ولا غيره من أكابر العلماء القرشيين فيحتمل أن يكون المراد به الشافعي ويحتمل أن يكون المراد به غيره كالزهري فإِنه قد نشر عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيراً وكان أول من دون الحديث, وقد ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» عن الحافظ أبي نعيم الأصبهاني أنه قال هو الشافعي, وذكر أيضا في موضع آخر من «البداية والنهاية» عن عبد الملك بن محمد الاسفراييني أنه قال لا ينطبق هذا إلا على محمد بن إدريس الشافعي حكاه الخطيب انتهى, ولا شك أن الشافعي قد ملأ طباق الأرض علما فلو كان الحديث صحيحا لم يبعد أن يكون هو المراد به والله أعلم.
وأما قول المؤلف تبعا لأبي رية إن أنصار الإِمام مالك لم يلبثوا أن وضعوا في إمامهم هذا الحديث ونصه (يخرج الناس من المشرق إلى المغرب فلا يجدون أعلم من عالم أهل المدينة) يعني مالك.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال هذا الحديث لم يروه أحد من المالكية وإنما رواه الإِمام أحمد في مسنده والترمذي في جامعه والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإِبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة» هذا لفظ الحاكم, ولفظ الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه رواية. «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإِبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة» قال الترمذي هذا حديث حسن. وفي نسخة حسن صحيح وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه, وبوب عليه الترمذي بقوله «باب ما جاء في عالم المدينة» وبوب عليه الهيثمي في «موارد الظمآن» إلى زوائد ابن حبان» بقوله: «باب في عالم المدينة».
وإذا علم هذا فمن الزور والبهتان قول المؤلف تبعا لأبي رية إن أنصار الإِمام مالك هم الذين وضعوا هذا الحديث في إمامهم, ومن أكبر الخطأ زعم المؤلف وأبي رية إن هذا الحديث موضوع مع أنه حديث صحيح كما تقدم بيانه.
الوجه الثاني أن يقال إن أبا رية قد حرف لفظ الحديث وهذا من قلة أمانته أو عدمها وقد تبعه المؤلف على التحريف لغباوته وجهله, وقد تقدم لفظ الحديث فليقارن بينه وبين ما أورده المؤلف, ومن عجيب أمر المؤلف وأبي رية أنهما قد أنكرا