تعالى فيهم (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
ولما كان أبو رية حريصا على التلبيس والتشكيك في الأحاديث الصحيحة جمع في هذا الموضع بين الأحاديث الصحيحة والأحاديث الضعيفة والأحاديث الموضوعة وجعلها كلها من الموضوعات, وهذا من مجازفته وتحامله على الأحاديث الصحيحة وإبراز ما يكنه لها من العداوة.
فأما الأحاديث الثلاثة في فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد أشرت إليها وذكرت أنها موضوعة.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله» فهو حديث ضعيف وليس بموضوع ولم أر أحداً ذكره في الموضوعات, وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أبو يعلى والطبراني وفيه إبراهيم بن عمر بن أبان وهو ضعيف, وأورده ابن كثير في «البداية والنهاية» من رواية الطبراني وقال هذا حديث غريب وفي سنده ضعف.
قلت أما أول الحديث وهو قوله «إن الملائكة لتستحي من عثمان» فهو ثابت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة رضي الله عنها دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة» وقد رواه الإِمام أحمد بنحوه وإسناده صحيح.
وعن حفصة رضي الله عنها نحوه رواه الإِمام أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وأبو يعلى قال الهيثمي وإسناده حسن.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» فهو ثابت في الصحيحين وجامع الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه, ومن حديث أبي موسى رضي الله عنه, وقد رواه النسائي من حديث