وقال الشافعي في كتاب الرسالة أخبرني أبو حنيفة سماك بن الفضل الشيباني قال حدثني ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن أحب أخذ العقل وإن أحب فله القود» فقلت لابن أبي ذئب أتأخذ بهذا يا أبا الحارث فضرب صدري وصاح عليّ صياحا كثيرا ونال مني وقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول تأخذ به. نعم آخذ به وذاك الفرض عليّ وعلى من سمعه. إن الله عز وجل اختار محمداً صلى الله عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه واختار لهم ما اختار له وعلى لسانه فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخرين لا مخرج لمسلم من ذلك. قال وما سكت عني حتى تمنيت أن يسكت.
وقال الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل قال بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث «البيعان بالخيار» فقال يستتاب في الخيار فإِن تاب وإلا ضربت عنقه, قال أحمد ومالك لم يرد الحديث ولكن تأوله على غير ذلك, فقال شامي من أعلم مالك أو ابن أبي ذئب فقال ابن أبي ذئب في هذا أكثر من مالك وابن أبي ذئب أصلح في بدنه وأورع وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين انتهى من طبقات الحنابلة.
وإذا كان هذا قول ابن أبي ذئب في الإِمام مالك حين تأول حديثا واحداً على غير تأويله فكيف بأدعياء العلم من العصريين الذين يردون المئات من الأحاديث الصحيحة وينبذونها وراء ظهورهم زاعمين كذبا وزوراً أنها أحاديث إسرائيلية تخالف القرآن فهؤلاء أولى أن يستتابوا فإِن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. والله المسئول أن يبعث لدينه وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم أنصاراً يجاهدون أهل الزيغ والفساد ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب حدثني محمد بن عبيد بن ميمون حدثني عبد الله بن إسحاق الجعفري قال كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة قال فتذاكروا يوما السنن فقال رجل كان في المجلس ليس العمل على هذا فقال عبد الله أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام أفهم الحجة على السنة فقال ربيعة أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء ذكره ابن القيم في كتابه «إغاثة اللهفان».