قلبه شيء من الزيغ فيهلك, ثم جعل يتلو هذه الآية (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
وقال الحاكم سمعت الأصم يقول سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول وروى حديثا فقال له رجل تأخذ بهذا يا أبا عبد الله فقال متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب وأشار بيده إلى رأسه - يعني أن منزلة الحديث الصحيح عنده على الرأس.
وقال شارح العقيدة الطحاوية طريق أهل السنة أن لا يعدلوا عن النص الصحيح ولا يعارضوه بمعقول ولا قول فلان كما قال البخاري رحمه الله سمعت الحميدي يقول كنا عند الشافعي رحمه الله فأتاه رجل فسأله عن مسألة فقال قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال رجل للشافعي ما تقول أنت فقال سبحان الله تراني في كنيسة, تراني في بيعة, تراني على وسطي زنار, أقول لك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تقول ما تقول أنت.
وقال الحاكم أنباني أبو عمرو السماك مشافهة أن أبا سعيد الجصاص حدثهم قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول وسأله رجل عن مسألة فقال روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا. فقال له السائل يا أبا عبد الله أتقول بهذا فارتعد الشافعي واصفر وحال لونه وقال ويحك أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فلم أقل به. نعم على الرأس والعينين نعم على الرأس والعينين.
وقال الربيع قال الشافعي لم أسمع أحداً نسبته عامة أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه فإِن الله لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه وأنه لا يلزم قول رجل قال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله وإن ما سواهما تبع لهما وإن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد لا يختلف فيه الفرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر ياقوت الحموي في كتابه «معجم الأدباء» مناظرة جرت بين الشافعي وإسحاق بن راهويه وقد نقلها ياقوت من تاريخ نيسابور للحاكم ومن كتاب مناقب الشافعي للآبري. وهذا ملخص ما ذكره.