فجوابه من وجوه أحدها أن يقال من الخطأ تقديمه وهب بن منبه وكعب الأحبار على عبد الله بن سلام رضي الله عنه لأن عبد الله بن سلام رضي الله عنه صحابي جليل, وأما كعب ووهب فهما من التابعين فينبغي تقديم عبد الله بن سلام رضي الله عنه عليهما لما له من الصحبة والفضيلة.
الوجه الثاني أن يقال إن عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان قليل الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان قليل النقل من كتب أهل الكتاب فلا ينبغي ذكره مع المكثرين من النقل عنهم. وما ثبت عنه من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من النقل عن كتب أهل الكتاب فهو مصدق في روايته ونقله. ولا يسيء الظن بعبد الله بن سلام رضي الله عنه إلا جاهل أو مكابر معاند.
وقد تقدم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال عند موته التمسوا العلم عند أربعة وذكر منهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه. وذكره الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ وعده مع الأكابر منهم, وفي هذا رد لما بهته به المؤلف وأبو رية وأشباههما من حثالة العصريين الذين يجعلونه من الذين يبثون الأكاذيب والترهات في الدين الإِسلامي (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) وقاتل الله الذين يبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغتاظون منهم ويرمونهم بالعظائم التي ليست فيهم.
الوجه الثالث أن يقال ظاهر قول أحمد أمين اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه أنهم اتصلوا به وأخذوا عنه وهذا غلط فاحش وجهل فاضح فإِنه لم يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه سمع من وهب بن منبه أو حكى عنه وإنما يعرف ذلك عن بعض صغار التابعين وقد اتصل وهب ببعض الصحابة وروى عنهم.
الوجه الرابع أن يقال ظاهر قول أحمد أمين واتصل التابعون بابن جريح أنهم اتصلوا به وأخذوا عنه وهذا غلط فاحش لأن ابن جريج كان من صغار التابعين فلا يعقل أن يتصل به كبار التابعين ويأخذوا عنه, وإنما روى عنه أتباع التابعين كما هو مذكور في بعض كتب الجرح والتعديل وروى عنه من صغار التابعين يحيى بن سعيد الأنصاري وحده وهو من شيوخه.
الوجه الخامس أن يقال إن ابن جريج لم يكن من الذين ينقلون من كتب أهل الكتاب فذكره مع الناقلين عنهم غلط وخطأ.