وكانت عائشة أشدهم إنكاراً عليه لتطاول الأيام به, وممن اتهم أبا هريرة بالكذب عمر وعثمان وعلي وغيرهم - كما قال الكاتب الإِسلامي الكبير مصطفى صادق الرافعي إنه أول راوية اتهم في الإِسلام (ص ٢٧٨ تاريخ آداب العرب) للأديب الرافعي, ولما قالت عائشة إنك لتحدث حديثاً ما سمعته من النبي - ص - أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار إذ قال لها كما رواه ابن سعد والنجار وابن كثير وغيرهم شغلك عنه - ص - المرآة والمكحلة, وفي رواية ما كانت تشغلني عنه المكحلة والخضاب ولكن أرى ذلك شغلك عنه ثم عاد بعد ذلك واعترف بأنها أعلم منه في حديث «من أصبح جنباً لا صيام له» عندما واجهته بأن النبي - ص - كان يصبح جنبا وهو صائم فتراجع وقال إنه سمعه من الفضل وكان الفضل بن عباس قد مات, وقصة ذلك في صفحة ٢٨ من تأويل مختلف الحديث, ولما روى حديث «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يضعها في الإِناء فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يده» لم تأخذ به وقالت كيف نصنع بالمهراس, والمهراس صخر ضخم منقور لا يحمله الرجال ولا يحركونه يملؤنه ماءاً ويتطهرون منه ولما سمع الزبير بن العوام أحاديثه قال صدق كذب (١٠٩ جـ البداية والنهاية) وأنكر
عليه ابن مسعود قوله من غسل ميتاً ومن حمله فليتوضأ وقال فيه قولا شديداً ثم قال يا أيها الناس لا تنجسوا من موتاكم (ص ٢٥ جـ٢ جامع بيان العلمي).
والجواب أن يقال هذا مما نقله المؤلف من كتاب أبي رية وغير فيه بعض الكلمات. فمن ذلك قوله «بسر بن سعد» وصوابه «بسر بن سعيد» ومنها قوله «بعض من كانوا» وصوابه «بعض من كان» ومنها قوله «ولا يميز بين هذا من هذا» وصوابه «ولا يميز هذا من هذا» ومنها قوله «قال أخبرني مخبر» وصوابه «قال أخبرنيه مخبر» ومن ذلك قوله «وإنما سمعه من الثقة فحكاه» وصوابه «وإنما سمعه من الثقة عنده فحكاه» ومنها قوله «من جلة أصحابه الأولون» وصوابه «من جلة أصحابه والسابقين الأولين» ومن ذلك قوله «لتطاول الأيام به» وصوابه «لتطاول الأيام بها وبه» ومن ذلك قوله «والنجار» وصوابه «والبخاري» ومن ذلك قوله «جامع بيان العلمي» وصوابه «جامع بيان العلم».
والكلام على ما في أول هذا الفصل من وجهين أحدهما أن يقال لم يثبت عن