أحاديث موضوعة فضلاً عن الإيهام والتشنيع الذي يطويه كلامك فيوهم الأغرار أن أكثر ما في السنة موضوع, هذا كلام المستشرقين.
«غاية ما تكلم فيه العلماء نقد أحاديث فيهما بأعيانها لا بادعاء وضعها والعياذ بالله ولا بادعاء ضعفها, إنما نقدوا عليهما أحاديث ظنوا أنها لا تبلغ في الصحة الذروة العلياء التي التزمها كل منهما».
«وهذا مما أخطأ فيه كثير من الناس ومنهم أستاذنا السيد رشيد رضا على علمه بالسنة وفقهه, ولم يستطع قط أن يقيم حجته على ما يرى, وأفلتت منه كلمات يسمو على علمه أن يقع فيها, ولكنه كان متأثراً أشد الأثر بجمال الدين ومحمد عبده وهما لا يعرفان في الحديث شيئاً, بل كان هو بعد ذلك أعلم منهما وأعلى قدما وأثبت رأيا لولا الأثر الباقي في دخيلة نفسه, والله يغفر لنا وله.
«وما أفضت إليك في هذه إلا خشية عليك من حساب الله, أما الناس في هذا العصر فلا حساب لهم ولا يقدمون في ذلك ولا يؤخرون, فإِن التربية الإِفرنجية الملعونة جعلتهم لا يرضون القرآن إلا على مضض, فمنهم من يصرح, ومنهم من يتأول القرآن أو السنة ليرضي عقله الملتوي لا ليحفظهما من طعن الطاعنين, فهم على الحقيقة لا يؤمنون, ويخشون أن يصرحوا فيلتوون, وهكذا هم حتى يأتي الله بأمره فاحذر لنفسك من حساب الله يوم القيامة وقد نصحتك وما ألوت والحمد لله».
وأما الجاهلون الأجرياء فإِنهم كثير في هذا العصر, ومن أعجب ما رأيت من سخافاتهم وجرأتهم أن يكتب طبيب في إحدى المجلات الطبية فلا يرى إلا أن هذا الحديث لم يعجبه وأنه ينافي علمه وأنه رواه مؤلف اسمه «البخاري» فلا يجد مجالا إلا الطعن في هذا «البخاري» ورميه بالافتراء والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرف عن «البخاري» هذا شيئاً بل لا أظنه يعرف اسمه ولا عصره ولا كتابه إلا أنه روى شيئاً يراه هو - بعلمه الواسع - غير صحيح فافترى عليه ما شاء مما سيحاسب عليه بين يدي الله حسابا عسيراً.
ولم يكن هؤلاء المعترضون أول من تكلم في هذا, بل سبقهم من أمثالهم الأقدمون, ولكن أولئك كانوا أكثر أدبا من هؤلاء - ثم ذكر الشيخ كلام الخطابي وابن القيم وقد تقدم ذكر ذلك, إلى أن قال - وأقول في شأن الطب الحديث أن الناس كانوا ولا يزالون تقذر أنفسهم الذباب وتنفر مما وقع فيه من طعام أو شراب