الوجه الثاني أن يقال ليس في صحيح البخاري شيء من الأحاديث الدخيلة - أي المدسوسة - كما زعمه المؤلف كذبا وزوراً, وما جاء فيه من الأحاديث عن بني إسرائيل وعن غيرهم من الأمم الماضية فكله حق وصدق لثبوت ذلك عن النبي صلى الله علي وسلم بالأسانيد الصحيحة. وقد قال الله تعالى (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى).
الوجه الثالث أن يقال ليس في صحيح البخاري ولا في غيره من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالف كلام الله تعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه. ولا غيره بما يهذو به المؤلف وأشباهه من الجهلة الأغبياء الذين يتبعون المتشابه ويلبسون الحق بالباطل ويلحدون في آيات الله تعالى ويتأولونها على غير تأويلها.
الوجه الرابع أن يقال إذا كان المؤلف لا يصدق بالأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مما خرجه البخاري في صحيحه وما خرجه غيره من أهل الصحاح والسنن والمسانيد ويزعم أنها أحاديث إسرائيلية وأنها تخالف كلام الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم فأهل الإِيمان على خلاف ما هو عليه فهم يؤمنون بكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يردون من ذلك شيئا ولا يتركون من الأحاديث الصحيحة شيئا إلا حديثا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم آخر يخالفه فيأخذون بالأصح منهما أو يجمعون بينهما إذا أمكن الجمع.
الوجه الخامس أن المؤلف قد وقع في شر مما فر منه فإِنه قد فر من خطيئة الشرك العلمي كما زعم ذلك ووقع فيما يهدم الإِسلام من أصله وذلك في أمور وقعت منه أحدها مناقضته لشهادة أن محمداً رسول الله فإِنه قد كذب بكثير مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الثقات الأثبات. ومن كذب بشيء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو لم يحقق الشهادة بأن محمداً رسول الله. ومن لم يحققها فليس بمسلم. ولا بد في تحقيقها من أربعة أمور. أحدها طاعته صلى الله عليه وسلم فيما أمر. والثاني تصديقه فيما أخبر, والثالث اجتناب ما عنه نهى وزجر. والرابع أن لا يعبد الله إلا بما شرع, وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإِذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي