للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب أدب القضاة]

قال الله سبحانه: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبعْ أَهْوَاءَهُمْ} (١).

اعلم أن القضاء رتبة شريفة، ولا ينعقد للشخص إلا بأن تجتمع فيه شرائط ثمانية: العقل، والبلوغ، والإسلام، والحرية، والذكورية، والكمال، والعلم بحيث يكون من أهل الاجتهاد، وحد الاجتهاد أن يكون عالماً بمسائل الخلاف، قادراً على إبطال شبهة المخالفين، وإقامة الدلالة على مذهبه، ويعرف أدلة الشرع {٩٦/ ب} ناسخه ومنسوخه، ومتشابهه، ومجمله، ومفسره، ومطلقه، ومقيده، والسنة متواترها، وآحادها، ومرسلها، ومسندها، والإجماع، والقياس، والاستدلال، واستصحاب الحال، فمن أخل بشرط منه لم ينعقد القضاء.

ويستحب أن يكون ورعاً، وينقص عن شروط الإمامة بالنسب، والشجاعة لسقوط الحرب عنه، وحاجة الإمام إليه، ولأن الإمامة أعلى المراتب الدينية فاعتبر فيها النسب لحصول التمييز عن الرعية.

ويحتاج أن يعرف لسان العرب ليعلم به معاني الكتاب والسنّة.

وأما الكمال فعلى ضربين: كمال الذكورية، وقد مضى.

وكمال الصورة، بأن يكون بصيراً ناطقاً، سامعاً، وفي الجملة لا يصح قضاء من لا تصح شهادته، وقد يجوز شهادة من {٩٧/ أ} لا يصح قضاؤه، كالعبد، والمرأة، والجاهل، والأعمى فيما طريقه الصوت، وسنذكر ذلك في بابه إن شاء الله.


(١) سورة المائدة "٤٩".

<<  <   >  >>