بنقض ومعارضةٍ له لاحتماله. فكذلك تخصصه بالقياس ليس بمعارض لمنطوق به فيه غير محتمل. وقد بينا أن العموم إن ثبت فإنما ثبت باجتهاد، وأنه ليس بمثابة قوله اقتل زيدًا في نفي الاحتمال عنه، فبطل ما قلتم.
وجواب أخر: وهو أنه لا يجب لأجل ما وصفتم منع تخصص العام بالعقل والمتواتر وأخبار الآحاد، لأن حكمه قد ثبت بلفظ العموم. والأدلة لا تتناقض.
فإن قالوا: ما أخرجه العقل من العام بدليل فالخبر لم يعرف ثبوت الحكم فيه مع إخراج العقل والخبر له.
قيل لهم: وكذلك ما أخرجه القياس فإنه لم يعرف ثبوت الحكم فيه، ولا فصل. وهذا نقض لقولهم إن ما دخل تحت العموم قد عرف النطق بحكمه كما عرف حكم العين النصوص على حكمها.
علةً أخرى لهم:
قالوا: ويدل على ذلك قوله عليه السلام لمعاذ: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي. فأقره على الحكم بالاجتهاد إذا لم يجده في الكتاب. وكل ما دخل تحت العام فحكمه موجود في الكتاب، وهو بمنزلة النص على العين.