وكذلك فإن هذه العلة توجب عليهم أن يكون القول ناس، والناس اسم للواحد دون الثلاثة، لأن دخول الواحد فيه والقصد إليه متيقن، كما أن القصد إلى الثلاثة متيقن، فكيف صار الاسم موضوعًا لبعض ما تيقن منه دون بعض؟ فبطل بذلك ما قالوه.
ويقال للمعتل بهذا ممن لا يقول إن الأمر قد دخل فيه معنى الإباحة، وإن الإيجاب قد دخل فيه معنى الندب، وإن مطلق الأمر لا يعقل منه فعل دفعة واحدة، وأن التراخي قد دخل فيه معنى الفور.
فيجب لأجل اعتلالك هذا أن تقول مطلق لفظ الأمر موضوع لإباحة الفعل وإطلاقه، لأن ذلك متيقن منه، والاقتضاء له أمر زائد على إباحته، وكذلك ما حمل الإيجاب على الندب إلى الفعل، لأن الندب إلى الواجب والدعاء إليه متيقن وكونه فرضًا زائدًا على الندب إليه.
وكذلك إذا قال: اضرب وصل، فإن المرة الواحدة منه متيقن القصد إليه، وما زاد عليه مشكوك فيه، وإذا قال افعل ففعله عقيب الأمر متيقن إجزاؤه وتأخيره غير متيقن ومختلف فيه. فإن مر على هذا أجمع خلط وترك قوله. فإن أباه نقض اعتلاله.
فيقال لهم: في استدلالكم هذا تخليط ظاهر، لأنكم تزعمون أن المعقول من مطلق اللفظ الثلاثة فقط. ثم تقولون ما زاد عليها مشكوك فيه، وهذا نقض لما أصلتم، لأنه إذا كان اللفظ مفيدًا للثلاثة فقط. فما عداها متيقن كونه غير مراد ولا داخل في الإطلاق. فكيف يجوز أن يكون مشكوكًا فيه، وأن تقولوا يجوز أن يراد ويجوز بأن لا/ يراد؟ وما يجوز أن يراد باللفظ هو الذي يستعمل حقيقة أو مجازًا فيه. وقد اتفق على أنه إن أريد به فوق الثلاثة لم يكن مجازًا، وما وضع لقدر من العدد لا يجوز ولا يصلح أن يراد