للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي - أيضاً- رواية ظاهرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى باب رجل من الأنصار فصرخ به، فاحتبس ساعة ثم خرج ورأسه يقطر، فقال صلى الله عليه وسلم": عجلت عجلت، ولم تنزل فلا تغتسل والماء من الماء" وهذا نص منه على أنه لا ماء من غير الماء، وليس هذا من دليل الخطاب في شيء. فبهذا الخبر والذي قبله وأمثاله. وقوله: إنما الماء من الماء وجب سقوط الاغتسال بالماء من غير إنزال لا من ناحية قوله الماء من الماء.

وقد قال قوم قوله: "إنما الماء من الماء" دخل لتحقيق وجوب الماء من الماء ونفيه عن غيره. لأن هذا عنده حكم قوله "إنما" لأنها محققة وقد تقدم القول في ذلك.

وبعد فقد بينا فيما سلف أن تعليق الحكم بالاسم للعلم لا يدل على أن ما عداه بخلافه. وقوله الماء من الماء تعليق وجوب الغسل بالاسم العلم، لأن الاسم ماء اسم علم محض فلا يفيد ذلك سقوط الغسل من غير الماء وصفة الماء أن يقول الماء من غليظ الماء أو كثيره أو أبيضه ونحو ذلك من صفاته فأما القول ماء فليس لصفة لها خلاف.

فإن قالوا: فيه حذف يقوم مقام الصفة، لأنه أراد الماء من إنزال، وقد يكون الماء منزلا وغير منزل.

قيل: والقول إنزال اسم علم أيضاً، فتعلق الحكم به لا يدل على نفي الحكم عن غيره، ولو قال نصاً الماء من ماء منزل لكان يجب على قولهم أن لا يجب الغسل من ماء غير منزل/ فأما أن لا يجب بشيء غير ماء وغير منزل فباطل، وإنزال الماء صفة للماء، وليس بصفة لنزوله، وإنما صفة نزوله أن يقال نزول قوى أو ضعيف وكثير أو قليل، وما جرى مجرى ذلك، فبطل التعلق بهذا الخبر من كل وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>