فإن قالوا: ما روي عن أحد منهم أنه قال نسخ قوله" "إذا التقى الختانان وجب الغسل" قوله: لا ماء إلا من الماء، وقوله إذا لم ينزل فلا يغتسل، والماء من الماء، وإنما قالوا الماء من الماء منسوخ.
قيل أرادها هذا المعنى ونسخ بعضه إذا كان عموماً، ويقال لهم: فما روي عن أحد منهم حرفاً يقول فيه نسخ دليل قوله الماء من الماء، فوجب أن يكونوا قالوا إنه منسوخ من حيث قلنا، وقد أجمعوا على أن وجوب الغسل بالماء من إنزال الماء غير منسوخ، بل ثابت ولا دليل له عندنا، فيجب أن يكون نسخ بعضه أو نسخت الأدلة التي هي غير دليل الخطاب.
فأما تعلقهم بقول يعلى بن أمية لعمرو رضي الله عنه: "ما بالنا نقصر من الصلاة وتد أمنا، وقول عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" وقوله فعقلا جميعاً من قوله: {إنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)} أن حال الأمن يجب أن يكون بخلاف حال الخوف.
فيقال لهم: ليس للأمر في هذا على ما ظننتم، بل إنما تعجبا، لأن الأصل في الصلاة كان الإتمام وحظر القصر ثم شرط إباحته بحصول الخوف. وذلك يوجب أنه إذا زال الخوف بقي الفرض على أصل الإتمام