للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عدم تصرف الشرع أدنى تصرف في الألفاظ اللغوية لا بزيادة ولا بنقص مخالف لما صرح به الباقلاني، ونقلته عنه من التقريب، وقد جرى الإبياري في نقده على ما نقله إمام الحرمين عن الباقلاني في البرهان. ولذا ما نقد به الإبياري الباقلاني صحيح لو كان نقل إمام الحرمين لمذهب الباقلاني صحيحًا. ولذا استدرك الإبياري في نقده بعبارة لطيفة، تدل على شدة يقظته، وحدة ذكائه، وذلك لبعد احتمال وقوع الباقلاني في مثل هذا التناقض.

وبناء على ما تقدم أقول: لقد صرح الباقلاني في كتابه هذا بأن المشرع استعمل بعض الألفاظ اللغوية، وتصرف فيها نوعًا من التصرف، ولهذا حكمه عليها بالإجمال متناسب مع مذهبه لترددها بين إرادة المعنى اللغوي والمعنى الشرعي عند إطلاقها. فمثلًا لفظ " الوضوء" هل يراد به الطهارة التي تبيح الصلاة وترفع الحدث، أو يراد به النظافة، وكذلك غيرها. الإبياري معذور في نقده الباقلاني، أو يراد به النظافة، وكذلك غيرها. والإبياري معذور في نقده الباقلاني، لأنه بناء على ما وجده في البرهان، فظنه هو حقيقة مذهب الباقلاني.

٣ - وممن قال بالاجمال القاضي أبو يعلي في العدة حيث قال: "فأما قوله تعالى: {وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ} فإن ذلك مجمل، لأن الصلاة في اللغة الدعاء، فكان كما قال تعالى: {ومَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إلاَّ مُكَاءً وتَصْدِيَةً} وفي الشريعة هي التكبير والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد والسلام، ولا يقع على شيء من ذلك اسم الصلاة، فإذا كان اللفظ لا يدل على المراد به ولا ينبئ عنه وجب أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>