تعالى، وكل طريق للعلم بحكم من الأحكام واجباً كان أو ندباً أو مباحاً، فإنه لا يكون إلا معلوماً مقطوعاً به على الله تعالي.
فقولهم "هو ما علم وجوبه" يقتضي العلم بوجوبه والقطع به علي الله تعالي. وقولهم. " من طريق لا يقطع به علي الله تعالي" نقض لقولهم: "إن وجوبه معلوم" فبان ظهور الغلط في هذا الكلام وكل طريق ليقطع بموجبه علي الله تعالي، فهو طريق للظن لوجوبه لا للعلم بذلك من حاله.
فإن قالوا. لم نرد هذا، وإنما أردنا أن من الواجبات ما يعلم وجوبه ضرورة من دين النبي صلى الله عليه وسلم كالحج والصلوات الخمس، ومنه ما يعلم وجوبه بدليل لا يكفر من رده وتأوله وجهل موجبه لموضع خفائه والتباسه كوجوب العمل بخبر الواحد والقياس في الأحكام، والحكم بصحة الإجماع ووجوب/ ص ٥٨ الوتر ونحوه، فهذا واجب وليس بفرض، لأن الدليل علي وجوبه مشتبه، والأول غير ملتبس ولا مختلف فيه.
يقال لهم، أما فصلكم بين ما علم وجوبه ضرورة من دين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما علم وجوبه بدليل، وبين ما علم بجلي من الأدلة متفق عليه، وبين ما علم بطريق ملتبس فأمر لا خلاف فيه بين أهل العلم,
وأما قولكم. إن ما علم وجوبه بطريق ملتبس ومختلف فيه واجب ليس بفرض فإنه غلط، لأن الواجب إذا كان واجباً في نفس يلحق المأثم بتركه سواء كان الطريق إلي وجوبه جلياً أو خفياً ملتبساً أو واضحاً مختلفاً فيه أو متفقاً عليه، فلا معتبر بطريق العلم إلي وجوبه وإن اختلفت في مراتبها ونصيتها. وإنما المعتبر بكون الشيء مفروضاً في نفسه، ولا يجب أن يكون