بشريطة حصول حياته وما يحتاج إليه في إيقاعه. ولا يمكن على قول أحد من الأمة أن ينوي أنه سيصلي لا محالةً أربع ركعات وإن اخترم، ولا يعتقد أنه غير مأمور وأنه سيخترم قبل الوقت. فإذا بطل الوجهان ولم يبق بعد ذلك إلا أن ينوي فعل صلاة ظهرًا أربعا بشريطه إن بقي، وبقي بصفة المكلف، وهذا لا بد منه. فأما أن ينوي أنه سيبقى ويصلي الركعات إلى أخرها، فذلك محال منه مع تجويز اخترامه قبل الوقت، فلم يبق غير أن ينوي فعل ذلك واجبًا حتما إن بقى، وصح ما قلناه.
فصل: وقد اعتمدوا في إحالة حصل الأمر في المستقبل بشرط، أو بشرط يحصل بعد وجود الأمر بأن ذلك يوجب أن يكون وقوع ذلك الأمر وثبوته مشروطًا بشيء يوجد ويكون بعده. وهذا باطل، لأن من حق ما هو شرط لوجود الشيء أن يكون مقترنًا بوجوده.
فيقال لهم: ما قلتموه باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: إن هذه الشروط ليست بشروط لوجود ذات الأمر ولكونه كلامًا كائنًا، لأن المشروط وجوده بشيء لا يجوز - لعمري- وجود شرط وجوده بعده. وإنما هذه الشروط شروط لكلن الأمر لازمًا فوجب تنفيذ موجبه. وليس ذلك من شرط كونه موجودًا بسبيل على هذا قال جمهور الناس: إن الأمر أمر للمعدوم ولمن لم يبلغه بشرط بلوغه له- وليس ذلك بشرط لوجود ذات الأمر، وكونه واقعًا. وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالوه.
والوجه الآخر: إن أمر الله عز وجل لمن يعلم أنه باق ٍإلى وقت وقوع المأمور به بشرطه بلزوم الأمر ووجوب تنفيذه، وذلك يكون بعد الأمر. وإنما صح ذلك، لأنه ليس بشرطٍ للوجود وكونه ذلك، لكونه على بعض الصفات/ ص ٢٧٨ والإحكام