للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجآذر في زي الأعاريب (١)، شهروا بالحب والجوى، وخبروا بالتحرق للتفرق والنوى، وعزوا للموت كرماً وذلوا للهوى. هم حدوا الركب بالحنين والإرزام، وعارضوا السحب بعيني عروة بن حزام (٢)، بكوا الديار، وندبوا بصدق عهودهم الطلول والآثار، وحموا الذمار، وردوا أيديهم عن حرمة الجار:

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم … دون النساء ولو باتت بأطهار (٣)

رضوا لفضل النيل بفضول الغبوق والقيل، وتبرءوا من رضاع الغيل (٤)، ولم يعرفوا غير داعي النداء وزجر الخيل:

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم … دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه (٥)

أرزافهم في السير والإساد، وإنفاقهم من أكف الآساد:

والليث حيث ألب من … أرض فذاك له عرين

أنفوا المساحة والفلاحة، وألفوا الاستباحة لامتلاء الراحة، ملكوا الأرض وما ملكتهم، وتخيروا البقاع فما نهكتهم، منازلهم من المعمورة بمكان الغرة، وحظهم من الفلك رأس المجرة، أغناهم من الأعمال المدنية، والملكة البدنية، إيضاع الشدنية، وإنضاء الناقة الفدنية، طلباً للاعتزاز، وضرباً في مجاهل الأرض للابتزاز، وكفاهم عارض المس، وأرض الرس (٦)، إيثارهم على النّفس،


(١) فيه لمحة إلى قول المتنبي:
من الجآذر في زي الأعاريب … حمر الحلى والمطايا والجلابيب
(٢) فيه نظرة إلى قول المتنبي:
فكأن كل سحابة وكفت بها … تبكى بعيني عروة بن حزام
(٣) للأخطل في ديوانه ٢٠ وشرح شواهد المغنى ٢٧٠.
(٤) الغيل: أن ترضع المرأة ولدها على حبل.
(٥) البيت للقيط بن زرارة في الحيوان (٣: ٩٣) والشعراء ٦٩٢. ويروى أيضا لأبى الطمحان في الحماسة ١٥٩٨ بشرح المرزوقي والكامل ٣٠ ليبسك والوساطة ١٥٩.
(٦) الأرض: الرعدة والنفضة. والرس: أول الحمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>