للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستقبال بأبنيتهم مطالع الشمس، قنعوا بأفلاذ الحشا، والاحتشاء من الكشى، عن التأري لما في القدور، والتعري لوهج التنور:

لقرص تصلى ظهره نبطية … بتنورها حتى يطير له قشر

فأما البهط وحيتانكم … فما نيل منها كثير السقم (١)

ومكن الضباب طعام العريب … ولا تشتهيه نفوس العجم (٢)

توقف الطباع على الصميم والخلاصة، وتوقي به شح النفس والخصاصة، ليسوا كالنهمة الخفرة، الأكلة الحفّرة، خفرة الجفان، وحفرة الاتفاق للنّيران، أعدّوها للتّحصين، لا للتحسين، وأوفدوا بها على الطين للتبطين، لا للتوطين، إذ لم يغنهم القهر عن الحصر، ولا عقد الجسر عن الأسر، أعجلتهم العربان، الغربان، عن الانتفاع، باليفاع، والاعتصام، بالأعصام، والاحترام (٣)، بالأهرام:

ولذاك كانوا لا يحشون الوغى … إلا وقد علموا مكان المهرب

وأما الفسل، والمسل، فقد أجلها الله عن اغتراسكم واحتراسكم، وطهر النخلة عمتنا من أدناسكم، وبخر أنفاسكم، وحبا العرب بها عجالة صائمهم، ولهنة طاعمهم، ونقيعة ضيفهم، وفاكهة شتائهم وصيفهم، تحفة الكبير، وصمتة الصغير، وتخرسة مريم ابنة عمران، من الراسيات في الضحل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل (٤).


(١) الشعر لأبى الهندي، كما في الحيوان (٦: ٨٨ - ٨٩). وانظر محاضرات الراغب (٢: ٣٠٣) والفصول والغايات ٤٧١ والمخصص (١٦: ٨٣/ ١٧: ١٠). والبهط:
الأرز يطبخ باللبن والسمن، معرب من الفارسية عن الهندية. انظر تحقيقه في حواشي الحيوان.
ورواية الحيوان: «فما زلت منها».
(٢) العريب بالتصغير: العرب، قال ابن منظور: «صغرهم تعظيما».
(٣) الاحترام، أراد به أنه دخل في حرمة لا تهتك. والمعروف «الإحرام».
(٤) وصف النخلة هذا ينسب إلى أبى حثمة، وهو عبد اللّه - ويقال عامر -

<<  <  ج: ص:  >  >>