للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودون الجحفة على ميل (غدير خمّ (١))، وواديه يصب في البحر، لا ينبت غير المرخ والثّمام والأراك والعشر. وغدير خمّ هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء أبداً من ماء المطر، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.

ثم (الشراة (٢))، وهو جبل مرتفع شامخ في السماء تأويه القرود، وينبت النبع والشوحط والقرظ، وهو لبني ليث خاصة، ولبني ظفر من بني سليم وهو من دون عسفان من عن يسارها، وفيه عقبة تذهب إلى ناحية الحجاز لمن سلك عسفان، يقال لها (الخريطة) مصعدة مرتفعة جداً. والخريطة التي تلي الشراة جبل جلد [صلد (٣)] لا ينبت شيئاً. ثم بطلع من الشّراة على (ساية) وهو واد بين حاميتين (٤) وهما حرتان سوداوان، وبه قرى كثيرة مسمّاة، وطرق كثيرة من نواح كثيرة.

فأعلاها قرية يقال لها (الفارع) بها نخل كثير، وسكانها من كل أفناء الناس (٥)، ومياهها عيون تجري تحت الأرض، فقر كلها. والفقر والقنا (٦) واحد، وواحد الفقر فقير.


(١) ذكر البكري أن الذي احتفره «عبد شمس» كما احتفر أيضا «زما». وفيهما يقول:
حفرت خما وحفرت زما … حتى ترى المجد لنا قد تما
وقال الفاكهي في كتاب مكة: «وكان الناس يأتون خما في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول، يتنزهون به ويكونون فيه». وعنده خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال في علي عليه السلام: «من كنت مولاه فعلى مولاه»، شروح سقط الزند ٣٨٩.
(٢) بفتح الشين المعجمة وآخره هاء، كما في الأصل وياقوت. وعند البكري: «شراء» وقال: «ممدود لا يجرى لأنه اسم أرض. هكذا قول أبى عبيدة. وقال الأصمعي مكسور الآخر مثل حذام وقطام».
(٣) التكملة من البكري. والجلد بالتحريك: الصلب. والصلد بالفتح: الذي لا ينبت.
(٤) في اللسان: «الحوامى: عظام الحجارة وثقالها، والواحدة حامية».
(٥) أفناء الناس: أخلاطهم، جمع فنو بالكسر، ويوزن فتى.
(٦) جمع قناة التي تحفر للماء، وتجمع أيضا على قنى، فعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>