للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا ... أَمْ مِنْ سَبِيلٍ إلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ

فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ عَلَيَّ بِنَصْرٍ فَجِيءَ بِهِ فَإِذَا هُوَ أَجْمَلُ النَّاسِ فَقَالَ: إنَّهَا الْمَدِينَةُ لَا تُسَاكِنِّي فِيهَا فَخَرَجَ إلَى الْبَصْرَةِ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لَهُ هُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ وَامْرَأَتِهِ إذْ كَتَبَتْ فِي الْأَرْضِ إنِّي لَأُحِبّكَ حُبًّا لَوْ كَانَ فَوْقَكَ لَأَظَلَّكَ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَكَ لَأَقَلَّكَ، فَقَرَأَهُ وَكَتَبَ تَحْتَهُ وَأَنَا كَذَلِكَ. وَكَانَ الْأَمِيرُ لَا يَقْرَأُ فَعَلِمَ أَنَّهُ جَوَابُ كَلَامٍ فَأَكْفَأَ عَلَيْهِ إنَاءً وَقَامَ فَبَعَثَ إلَى مَنْ يَقْرَؤُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَصْرًا فَلَمْ يَجِئْ إلَيْهِ وَمَرِضَ حَتَّى سُلَّ وَصَارَ شِبْهَ الْفَرْخِ وَأُخْبِرَ الْأَمِيرُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا اذْهَبِي إلَيْهِ وَأَسْنِدِيهِ إلَى صَدْرِكِ وَأَطْعِمِيهِ، فَلَمَّا أَتَتْ الْبَابَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ فُلَانَةُ فَكَأَنَّهُ انْتَعَشَ فَصَعِدَتْ إلَيْهِ وَأَسْنَدَتْهُ إلَى صَدْرِهَا وَأَطْعَمَتْهُ فَأَفَاقَ، فَخَرَجَ مِنْ الْبَصْرَةِ وَاسْتَحْيَا مِنْ ابْنِ عَمِّهِ فَلَمْ يَلْقَهُ بَعْدَهَا قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَمِيرُ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ وَامْرَأَتُهُ الْخَضْرَاءُ.

وَلِلشَّافِعِيِّ أَوْ لِسَهْلٍ الْوَرَّاقِ:

إذَا حَارَ وَهْمُكَ فِي مَعْنَيَيْنِ ... وَأَعْيَاكَ حَيْثُ الْهَوَى وَالصَّوَابْ

فَدَعْ مَا هَوِيت فَإِنَّ الْهَوَى ... يَقُودُ النُّفُوسَ إلَى مَا يُعَابْ

كَانَ يُقَالُ إذَا غَلَبَ عَلَيْك عَقْلُك فَهُوَ لَك، وَإِنْ غَلَبَ هَوَاك فَهُوَ لِعَدُوِّكَ قَالَ عُمَرُ لِمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْ أَصْبَرُ النَّاسِ قَالَ مَنْ كَانَ رَأْيُهُ رَادًّا لِهَوَاهُ قَالَ أَعْرَابِيٌّ أَشَدُّ جَوْلَةِ الرَّأْيِ عِنْدَ الْهَوَى، وَأَشَدُّ فِطَامِ النَّفْسِ عِنْد الصَّبْرِ.

قَالَ نِفْطَوَيْهِ إنَّ الْمِرْآةَ لَا تُرِيَك خُدُوشَ وَجْهِك فِي صَدَاهَا، وَكَذَلِكَ نَفْسُك لَا تُرِيك عُيُوبَ نَفْسِك فِي هَوَاهَا. فَهَذِهِ نُبْذَةٌ يَسِيرَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْهَوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>