للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ آخَرُ:

فَلَوْ أَنَّ شَرْقَ الشَّمْسِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... وَأَهْلِي وَرَاءَ الشَّمْسِ حَيْثُ تَغِيبُ

لَحَاوَلْتُ قَطْعَ الْأَرْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... وَقَالَ الْهَوَى لِي إنَّهُ لَقَرِيبُ

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعِشْقِ إلَّا أَنَّهُ يُشَجِّعُ قَلْبَ الْجَبَانِ، وَيُسَخِّي قَلْبَ الْبَخِيلِ، وَيُصَفِّي الْغَبِيَّ، وَيَبْعَثُ حَزْمَ الْعَاقِل، وَيَخْضَعُ لَهُ عِزُّ الْمُلُوكِ، وَتَضْرَعُ لَهُ صَوْلَةُ الشُّجَاعِ، وَيَنْقَادُ لَهُ كُلُّ مُمْتَنِعٍ، لَكَفَى بِهِ شَرَفًا.

قَالَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ فَزَارَة عَشِقْت امْرَأَةً مِنْ طَيِّئٍ فَكَانَتْ تُظْهِرُ لِي مَوَدَّةً فَوَاَللَّهِ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهَا شَيْءٌ مِنْ رِيبَةٍ غَيْرَ أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّهَا فَوَضَعْت كَفِّي عَلَى كَفِّهَا فَقَالَتْ: مَهْ لَا تُفْسِدْ مَا صَلَحَ. فَارْفَضَضْتُ عَرَقًا مِنْ قَوْلِهَا فَمَا عُدْتُ لِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الرَّجُلُ يَكْتُمُ بُغْضَ الْمَرْأَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُمَ حُبَّهَا يَوْمًا وَالْمَرْأَةُ تَكْتُمُ حُبَّ الرَّجُلِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَكْتُمَ بُغْضَهُ يَوْمًا وَاحِدًا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ:

يَا سَائِلِي مَا الْهَوَى اسْمَعْ إلَى صِفَتِي ... الْحُبُّ أَعْظَمُ مِنْ وَصْفِي وَمِقْدَارِي

مَاءُ الْمَدَامِعِ نَارُ الشَّوْقِ تَحْدُرُهُ ... فَهَلْ سَمِعْت بِمَاءٍ فَاضَ مِنْ نَارِ

وَقَالَ آخَر:

أُسِرُّ الَّذِي بِي وَالدُّمُوعُ تَبُوحُ ... وَجِسْمِي سَقِيمٌ وَالْفُؤَادُ جَرِيحُ

وَبَيْنَ ضُلُوعِي لَوْعَةٌ لَمْ أَزَلْ بِهَا ... أَذُوبُ اشْتِيَاقًا وَالْفُؤَادُ صَحِيحُ

وَقَالَ عَلِيُّ بْن عَبَّاسٍ الرُّومِيُّ:

وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَالُ لَوْ أَنَّهُ ... لَمْ يَجْنِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ

إنْ طَالَ لَمْ يُمْلَلْ وَإِنْ هِيَ أَوْجَزَتْ ... وَدَّ الْمُحَدَّثُ أَنَّهَا لَمْ تُوجِزْ

شِرْكُ الْعُقُولِ وَنُزْهَةٌ مَا مِثْلُهَا ... لِلْمُطْمَئِنِّ وَعُقْلَةُ الْمُسْتَوْفِزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>