للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ الِاشْتِغَالُ عَنْ الضَّيْفِ بِشُغْلٍ وَمَصْلَحَةٍ إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ. وَفِيهِ أَنَّ الضَّيْفَ لَا يَمْتَنِعُ مِمَّا يُرِيدُ الْمُضِيفُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِقِرَاهُ وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مَشَقَّةً حَيَاءً مِنْهُ اعْتَرَضَ بِرِفْقٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمُضِيفِ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ إظْهَارُهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ مُخَالَفَةُ الضَّيْفِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْعُلَمَاءِ.

وَفِيهِ السَّمَرُ مَعَ الضَّيْفِ وَالْأَهْلِ كَمَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَتَرْجَمَ أَيْضًا (بَابٌ فِي قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ لَا آكُلُ حَتَّى تَأْكُلَ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَضْيَافُ أَبِي بَكْرٍ لِمَصْلَحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ عَشَاءٌ. وَإِنَّمَا اخْتَبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَوْفَ خِصَامٍ وَشَتْمٍ، وَغُنْثَرُ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَمَضْمُومَةٍ، ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَضْمُومَةٍ وَهُوَ الثَّقِيلُ، وَقِيلَ الْجَاهِلُ وَقِيلَ السَّفِيهُ وَقِيلَ اللَّئِيمُ وَقِيلَ هُوَ ذُبَابٌ أَزْرَقُ.

وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْتَرُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَهُوَ الذُّبَابُ الْأَزْرَقُ، وَقَوْلُهُ فَجَدَعَ أَيْ دَعَا بِالْجَدْعِ وَهُوَ قَطْعُ الْأَنْفِ وَغَيْرِهِ، وَالسَّبُّ الشَّتْمُ.

وَفِيهِ الِاخْتِبَاءُ خَوْفَ أَذًى وَإِنَّهُ لَا أَذًى بِمِثْلِ هَذَا مِنْ الْوَالِدِ. قَوْلُهُ: لَا هَنِيئًا إنَّمَا قَالَهُ غَيْظًا بِتَرْكِهِمْ الْعَشَاءَ بِسَبَبِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ عَمَّا يَحْدُثُ فِي حَالِ الْغَيْظِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ قَالَ أَدَبًا عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَكْلِ بِيَمِينِهِ وَقَوْلُهُ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ «لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إلَّا الْكِبْرُ» .

وَقَوْلُهُ «مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْهِ» وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِلْقَائِلِ فِي الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا لَهُ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ لَا هَنِيئًا إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ أَيْ لَمْ يَتَهَنَّوْا بِهِ فِي وَقْتِهِ، وَفِيهِ إثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَقُرَّةُ الْعَيْنِ يُرَادُ بِهَا الْمَسَرَّةُ فَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقَرَارِ، لِأَنَّ عَيْنَهُ تَقِرُّ لِحُصُولِ مُرَادِهِ فَلَا تَسْتَشْرِفُ لِشَيْءٍ، وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُرِّ بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ الْبَرْدُ أَيْ عَيْنُهُ بَارِدَةٌ لِسُرُورِهَا يُقَالُ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ أَبْرَدَ دَمْعَتَهُ؛ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ بَارِدَةٌ. وَيُقَالُ فِي ضِدِّهِ أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ، وَفِيهِ الْقَسَمُ بِمَخْلُوقٍ قِيلَ أَرَادَتْ بِقُرَّةِ عَيْنِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْسَمَتْ بِهِ، وَقَوْلُهُ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَا زَائِدَةٌ وَقِيلَ نَافِيَةٌ أَيْ لَا شَيْءَ غَيْرُ مَا أَقُولُ وَهُوَ قُرَّةُ عَيْنِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>