للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِطْعَامِ سِنَّوْرٍ وَكَلْبٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ رِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَوْلَى جَوَازُهُ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَابُ مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ عَلَى الْمَائِدَةِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَا بَأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَا يُنَاوِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَائِدَةِ إلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى.

ثُمَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ خَيَّاطًا دَعَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ فَذَهَبَ أَنَسٌ مَعَهُ فَقَرَّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيْ الصَّحْفَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَئِذٍ فَجَعَلْت أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ» .

وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِيهَا قَالَ فَاقْبَلْ الْغُلَامُ عَلَى عَمَلِهِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ حَسَنٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَةً أَوْ قَرِينَةً مُؤْذِيَةً لِلضَّيْفِ وَتَمْنَعُ إكْرَامَهُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمَنْ مَنَعَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى أَنْ يَحْمِلَ خَبَرَ أَنَسٍ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ رَبَّ الطَّعَامِ رَاضٍ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ سَأَلَ سَائِلٌ حَنْبَلِيًّا فَقَالَ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَوْمِ يُقَدَّمُ لَهُمْ الطَّعَامُ أَنْ يُقَرِّبَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ قَدْ كُنْت أَقُولُ لَا يَجُوزُ وَلَا لِسِنَّوْرٍ حَتَّى وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَذْكُورَ. وَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَوْ بَعْضِ أَهْلِهِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الضِّيفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَخْصُوصِ أَوْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَنَاوُلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْئًا بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ فِي قِصَّةِ أَبِي أَسِيدٍ مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفْضِلَ شَيْئًا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ أَوْ كَانَ، ثَمَّ حَاجَةٌ.

قَالَ أَبُو أَيُّوبَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ أَكَلَ وَبَعَثَ بِفَضْلِهِ إلَيَّ» فَيَسْأَلُ أَبُو أَيُّوبَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ جَابِرٍ «نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ» فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ.

وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ يَبْدَأُ بِالضَّيْفِ قَبْلَ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>