وَلَيْسَ شَيْءٌ أَضَرَّ لِلْبَدَنِ مِنْ لَبَنٍ فَاسِدٍ رَدِيءٍ وَاللَّبَنُ إذَا أُكْثِرَ مِنْهُ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْقَمْلُ وَالْبَرَصُ إلَّا لَبَنَ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ قَلَّ مَا يُخَافُ مِنْهُ الْبَرَصُ. وَاللَّبَنُ رَدِيءٌ لِلْمَحْمُومِينَ وَأَصْحَابِ الصُّدَاعِ مُؤْذٍ لِلدِّمَاغِ وَالرَّأْسِ الضَّعِيفِ ضَارٌّ لِلْأَوْرَامِ الْبَاطِنَةِ وَالْأَعْصَابِ وَالْأَمْرَاضِ الْبَلْغَمِيَّةِ وَبِاللِّثَةِ وَالْأَسْنَانِ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَمَضْمَضَ بَعْدَهُ لِأَجْلِ اللِّثَةِ بِالْعَسَلِ، وَيُظْلِمُ الْبَصَرَ وَيَضُرُّ بِالْغِشَاءِ وَالْخَفَقَانِ وَالْحَصَاةِ وَوَجَعِ الْمَفَاصِلِ وَالْأَحْشَاءِ وَيَنْفُخُ الْمَعِدَةَ وَيَذْهَبُ بِنَفْخِهِ أَنْ يُغْلَى وَيُؤْكَلَ بَعْدَهُ الْمِشْمِشُ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ عَسَلٌ أَوْ زَنْجَبِيلٌ وَمَنْ اعْتَادَهُ فَلَيْسَ كَمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ.
وَإِنْ جَمَدَ اللَّبَنُ لِإِنْفَحَةٍ شُرِبَتْ فِيهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَرَضَ عَنْهُ عِرْقٌ بَارِدٌ وَغَثًى وَحُمَّى نَافِضٌ وَجُمُودُهُ مَعَ إنْفَحَةٍ أَرْدَأُ وَأَسْرَعُ إلَى الْحَنَقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَ الْمَلُوحَاتِ فَإِنَّهَا تُزِيدُهُ تَجَبُّنًا وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْقَى خَلًّا مَمْزُوجًا بِمَاءٍ وَيُسْقَى مِنْ الْإِنْفَحَةِ إلَى مِثْقَالٍ فَإِنَّهَا تُرَقِّقُهُ وَتُخْرِجُهُ بِقَيْءٍ أَوْ إسْهَالٍ.
وَاللَّبَنُ الْمَطْبُوخُ وَالْمُلْقَى فِيهِ الْحَصَا الْمَحْمِيُّ وَالْحَدِيدُ يَعْقِلُ الْبَطْنَ وَاللَّبَنُ الْحَامِضُ أَجْوَدُهُ الْكَثِيرُ الزُّبْدِ فَإِنْ أُخِذَ زُبْدُهُ وَحَمُضَ فَهُوَ الْمَخِيضُ، وَإِنْ نُزِعَ زُبْدُهُ وَمَائِيَّتُهُ فَهُوَ اللَّدُوغُ وَهُوَ بَارِدٌ يَابِسٌ وَقِيلَ رَطْبٌ وَهُوَ يُوَافِقُ الْأَمْزِجَةَ الْحَارَّةَ وَلَكِنَّهُ جَامُّ الْخَلْطِ بَطِيءُ الِاسْتِمْرَاءِ مُضِرٌّ بِاللِّثَةِ وَالْأَسْنَانِ وَلِلدِّمَاغِ يَنْفَعُ الْمَعِدَةَ الْحَارَّةَ، وَالْمَخِيضُ لَا يُجَشِّئُ جُشَاءً دُخَّانِيًّا لِانْتِزَاعِ زُبْدِهِ وَيَحْبِسُ الْإِسْهَالَ الصَّفْرَاوِيَّ وَالدَّمَوِيَّ وَيُسْكِنُ الْعَطَشَ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَمَضْمَضَ بِمَاءِ الْعَسَل حَتَّى لَا يَضُرَّ بِاللِّثَةِ فَإِنْ اسْتَحَالَ اللَّبَنُ الْحَامِضُ إلَى كَيْفِيَّةٍ عَفِنَةٍ أُخْرَى مَعَ الْحُمُوضَةِ تَوَلَّدَ عَنْهُ دُوَارٌ وَغَشَيَانٌ وَمَغَصٌ فِي فَمِ الْمَعِدَةِ وَرُبَّمَا عَرَضَتْ عَنْهُ هَيْضَةٌ قَاتِلَةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدَاوَى بِالْقَيْءِ وَتَنْظِيفِ الْمَعِدَةِ مِنْهُ بِمَاءِ الْعَسَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute