فَأَمَّا أَنْوَاعُ اللَّبَنِ فَلَبَنُ اللِّقَاحِ سَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي فَصْل التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمَاتِ مِنْ فُصُول الطِّبِّ وَلَبَنُ الْبَقَرِ أَكْثَرُ الْأَلْبَانِ دُسُومَةً وَغِلَظًا وَأَكْثَرُ غِذَاءً مِنْ سَائِرِ الْأَلْبَانِ وَأَبْطَأُ انْحِدَارًا ذَكَرَهُ ابْنُ جَزْلَةَ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ يُلَيِّنُ الْبَدَنَ وَيُطْلِقُهُ بِاعْتِدَالٍ وَإِنَّهُ مِنْ أَعْدَلِ الْأَلْبَانِ وَأَفْضَلِهَا بَيْنَ لَبَنِ الضَّأْنِ وَلَبَنِ الْمَعْزِ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ وَالدَّسَمِ وَقَدْ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيهِ فِي فَصْلِ حِفْظِ الصِّحَّةِ مِنْ الطِّبِّ.
وَلَبَنُ الْمَعْزِ مُعْتَدِلٌ لِاعْتِدَالِ الْمَائِيَّةِ وَالْجُبْنِيَّةِ وَالزُّبْدِيَّةِ فِيهِ يَنْفَعُ مِنْ النَّوَازِلِ وَيَحْبِسُهَا مِنْ قُرُوحِ الْحَلْقِ وَاللِّسَانِ عَنْ الْيَبَسِ وَالْغَمِّ وَالْوَسْوَاسِ وَالسُّعَالِ وَنَفْثِ الدَّمِ وَالسِّلِّ بِكَسْرِ السِّين وَهُوَ السِّلَالُ يُقَالُ أَسَلَّهُ اللَّه فَهُوَ مَسْلُولٌ وَهُوَ مِنْ الشَّوَاذِّ. وَالْغَرْغَرَةُ بِهِ تَنْفَعُ مِنْ الْخَوَانِيقِ وَأَوْرَامِ اللَّهَاةِ وَقُرُوحِ الْمَثَانَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ مُضِرٌّ بِالْأَحْشَاءِ.
وَلَبَنُ الضَّأْنِ دَسِمٌ غَلِيظٌ كَثِيرُ الْجُبْنِيَّةِ وَالزُّبْدِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَغْلَظُ الْأَلْبَانِ وَأَرْطَبُهَا يَنْفَعُ مِنْ نَفْثِ الدَّمِ وَقُرُوحِ الرِّئَةِ وَيَتَدَارَكُ ضَرَرَ الْجِمَاعِ وَيُقَوِّي عَلَى الْبَاهِ وَيَنْفَعُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْقَتَّالَةِ وَالزَّحِيرِ وَقُرُوحِ الْأَمْعَاءِ لَيْسَ مَحْمُودًا كَلَبَنِ الْمَعْزِ وَفِيهِ تَهْيِيجٌ لِلْقُولَنْجِ وَيُوَلِّدُ فُضُولًا بَلْغَمِيَّةً وَيُحْدِثُ فِي جِلْدِ مَنْ أَدْمَنَهُ بَيَاضًا قَالَ بَعْضهمْ: يَنْبَغِي أَنْ يُشَابَ بِالْمَاءِ لِيُقِلَّ الْبَدَنُ مَا نَالَهُ وَيَكْثُرُ تَبْرِيدُهُ وَيُسْرِعُ تَسْكِينُهُ لِلْعَطَشِ.
لَبَنُ الْخَيْل قَلِيلُ الْجُبْنِيَّةِ وَالزُّبْدِيَّةِ يَعْدِلُ لَبَنَ اللِّقَاحِ فِي ذَلِكَ لَبَنَ النِّسَاءِ يُدِرُّ الْبَوْلَ وَهُوَ تِرْيَاقُ الْأَرْنَبِ الْبَحْرِيّ وَيَنْفَعُ مِنْ الرَّمَدِ إذَا حُلِبَ فِي الْعَيْنِ وَمِنْ خُشُونَةِ الْعَيْنِ خَاصَّةً مَعَ بَيَاضِ الْبَيْضِ وَيَنْفَعُ مِنْ السِّلِّ إذَا شُرِبَ حِينَ يَخْرُجُ مَنْ الثَّدْيِ أَوْ يُمَصُّ مِنْ الثَّدْيِ وَلَكِنْ مِنْ امْرَأَةٍ صَحِيحَةِ الْبَدَنِ مُعْتَدِلَةِ الْبَدَنِ وَيَنْفَعُ مِنْ أَوْرَامِ الْآذَانِ وَقُرُوحِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ فِي الْجُبْنِ فِي ذِكْرِ الْمُفْرَدَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute