للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: مَا بَعُدَ أَمَلٌ إلَّا سَاءَ عَمَلٌ.

وَمِنْ كَلَامِ الْحُكَمَاءِ: الرِّزْقُ مَقْسُومٌ، وَالْحَرِيصُ مَحْرُومٌ، وَالْحَسُودُ مَغْمُومٌ، وَالْبَخِيلُ مَذْمُومٌ وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدُ:

الْحِرْصُ مِنْ شَرِّ أَدَاةِ الْفَتَى ... لَا خَيْرَ فِي الْحِرْصِ عَلَى حَالِ

مَنْ بَاتَ مُحْتَاجًا إلَى أَهْلِهِ ... هَانَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ وَالْخَالِ

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَحْسُدَنَّ أَخَا حِرْصٍ عَلَى سَعَةٍ ... وَانْظُرْ إلَيْهِ بِعَيْنِ الْمَاقِتِ الْقَالِي

إنَّ الْحَرِيصَ لَمَشْغُولٌ بِشِقْوَتِهِ ... عَلَى السُّرُورِ بِمَا يَحْوِي مِنْ الْمَالِ

قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ يُخَاطِبُ سَلْمَ بْنَ عَمْرٍو:

نَعَى نَفْسِي إلَيَّ مِنْ اللَّيَالِي ... تَصَرُّفُهُنَّ حَالًا بَعْدَ حَالِ

فَمَا لِي لَسْت مَشْغُولًا بِنَفْسِي ... وَمَا لِي لَا أَخَافُ الْمَوْتَ مَا لِي

لَقَدْ أَيْقَنْت أَنِّي غَيْرُ بَاقٍ ... وَلَكِنِّي أَرَانِي لَا أُبَالِي

تَعَالَى اللَّهُ يَا سَلْمُ بْنَ عَمْرٍو ... أَذَلَّ الْحِرْصُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ

هَبْ الدُّنْيَا تُسَاقُ إلَيْك عَفْوًا ... أَلَيْسَ مَصِيرُ ذَاكَ إلَى زَوَالِ

فَمَا تَرْجُو بِشَيْءٍ لَيْسَ يَبْقَى ... وَشِيكًا مَا تُغَيِّرُهُ اللَّيَالِي

فَلَمَّا أُبْلِغَ سَلْمُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِسَلْمٍ الْخَاسِرِ كَتَبَ إلَيْهِ:

مَا أَقْبَحَ التَّزْهِيدَ مِنْ وَاعِظٍ ... يُزَهِّدُ النَّاسَ وَلَا يَزْهَدُ

لَوْ كَانَ فِي تَزْهِيدِهِ صَادِقًا ... أَضْحَى وَأَمْسَى بَيْتُهُ الْمَسْجِدُ

إنْ رَفَضَ الدُّنْيَا فَمَا بَالُهُ ... يَكْتَنِزُ الْمَالَ وَيَسْتَرْفِدُ

يَخَافُ أَنْ تَنْفَدَ أَرْزَاقُهُ ... وَالرِّزْقُ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَنْفَدُ

الرِّزْقُ مَقْسُومٌ عَلَى مَنْ تَرَى ... يَسْعَى لَهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ

قَالَ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ اثْنَانِ يَتَعَجَّلَانِ النَّصَبَ وَلَا يَظْفَرَانِ بِالْبُغْيَةِ، الْحَرِيصُ فِي حِرْصِهِ، وَمُعَلِّمُ الْبَلِيدِ مَا يَنْبُو عَنْهُ فَهْمُهُ.

وَأَنْشَدَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>