السَّخَاءُ، وَالْكَرَمُ يُغَطِّي عُيُوبَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ بَعْدَ أَنْ لَا يَلْحَقَهُ بِدْعَةٌ قَالَ حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ الثَّقَفِيُّ الْفَقِيهُ وَهُوَ أَخُو جَعْفَرِ بْنِ مُبَشِّرٍ الْمُتَكَلِّمِ فَعُدْت مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ رَجُلًا صَالِحًا بَخِيلًا.
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَافِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تُزَوِّجْ الْبَخِيلَ وَلَا تُعَامِلُهُ مَا أَقْبَحَ الْقَارِئَ أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا، رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي الْأَخْلَاقِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ وَلِسَانٍ وَبَيَانٍ وَفَهْمٍ وَذَكَاءٍ وَحَزْمٍ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إلَى الْبُخْلِ وَهُوَ دَاءٌ دَوِيٌّ يَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ ".
وَقَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ لَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:
قَلِيلُ الْمَالِ تُصْلِحُهُ فَيَبْقَى ... وَلَا يَبْقَى الْكَثِيرُ عَلَى الْفَسَادِ
وَحِفْظُ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ نَفَادٍ ... وَعَسْفٍ فِي الْبِلَادِ بِغَيْرِ زَادِ
قَالَ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَهُ حَمَلَ النَّاسَ عَلَى الْبُخْلِ فَهَلَّا قَالَ:
فَلَا الْجُودُ يُفْنِي الْمَالَ قَبْلَ فَنَائِهِ ... وَلَا الْبُخْلُ فِي مَالِ الْبَخِيلِ يَزِيدُ
فَلَا تَلْتَمِسْ مَا لَا يَعِيشُ مُقَتِّرًا ... لِكُلِّ غَدٍ رِزْقٌ يَعُودُ جَدِيدُ
وَقَالَ حَاتِمٌ أَيْضًا:
لَعَمْرُك مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنْ الْفَتَى ... إذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ ... وَيَبْقَى مِنْ الْمَالِ الْأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ هِلَالِ بْنِ سُوَيْدٍ أَبِي الْمُعَلَّى عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أُهْدِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَوَائِرُ ثَلَاثٌ فَأَكَلَ طَائِرًا وَأَعْطَى خَادِمَهُ طَائِرَيْنِ فَرَدَّهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ