للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَمْ أَنْهَك أَنْ تَرْفَعَ شَيْئًا لِغَدٍ؟ إنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِرِزْقِ كُلِّ غَدٍ» .

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّازِيّ الزَّاهِدُ الصُّوفِيُّ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ حَدِّثْنِي فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِالْحَدِيثِ يَا صُوفِيُّ؟ فَقُلْت: لَا بُدَّ حَدِّثْنِي فَحَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ فِي تَرْجَمَة هِلَالٍ حَرَّمَ أَنْ يَدَّخِرَ رِزْقَ غَدٍ وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ وَقَالَ: غَرِيبٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ مُرْسَلًا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِيمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ نَفَقَةَ سَنَةٍ» قَالَ فِيهِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَلَا يُقَالُ هَذَا مِنْ طُولِ الْأَمَلِ لِأَنَّ الْإِعْدَادَ لِلْحَاجَةِ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَعَقْلًا، وَقَدْ اسْتَأْجَرَ شُعَيْبُ مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى جَهَلَةِ الْمُتَزَهِّدِينَ فِي إخْرَاجِهِمْ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا عَنْ التَّوَكُّلِ، فَإِنْ احْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَّخِرُ لَغَدٍ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ خَلْقٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ فَكَانَ يُؤْثِرُهُمْ انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ إِسْحَاق بْنُ هَانِئٍ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَلِيلُ الْمَالِ تُصْلِحُهُ الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يَقِلُّ مَعَ الْإِصْلَاحِ شَيْءٌ، وَلَا يَبْقَى مَعَ الْفَسَادِ شَيْءٌ.

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الصَّحَابِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجَوَادُ سَيِّدُ قَوْمِهِ بَنِي تَمِيمٍ الْحَلِيمُ الَّذِي قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ مِنْهُ تَعَلَّمْت الْحِلْمَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا جَدِيدًا وَأَحْضَرَتْ لَهُ طَعَامًا قَالَ لَهَا: أَيْنَ أَكِيلِي فَلَمْ تَدْرِ مَا يَقُولُ لَهَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

إذَا مَا صَنَعْت الزَّادَ فَالْتَمِسِي لَهُ ... أَكِيلًا فَإِنِّي لَسْت آكِلَهُ وَحْدِي

أَخًا طَارِقًا أَوْ جَارَ بَيْتٍ فَإِنَّنِي ... أَخَافُ مَلَامَاتِ الْأَحَادِيثِ مِنْ بَعْدِي

وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مِنْ غَيْرِ ذِلَّةٍ ... وَمَا فِي إلَّا ذَاكَ مِنْ شِيمَةِ الْعَبْدِ

فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ وَكَانَ بَخِيلًا فَقَالَ:

لَبَيْنِي وَبَيْنَ الْمَرْءِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ ... بِمَا قَالَ بَوْنٌ فِي الْفِعَالِ بَعِيدُ

وَإِنَّا لَنَجْفُو الضَّيْفَ مِنْ غَيْرِ قِلَّةٍ ... مَخَافَةَ أَنْ يُغْرَى بِنَا فَيَعُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>